قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنه يبدو أن الحكومة السعودية غارقة في محاولاتها إسكات المعارضة، موضحة أن السلطات السعودية اعتقلت ناشطَين حقوقيَّين آخرَين على الأقل، منذ 15 مايو/أيار 2018، عندما شنت حملة اعتقالات واسعة النطاق ضد نشطاء ومناصري حقوق المرأة.
وانتقدت المنظمة، التي تعنى بحقوق الإنسان، في بيان، اليوم الأربعاء، الخطوات السعودية، موضحة أن النشطاء السعوديين يخشون وقوع اعتقالات إضافية قبل إعلان الحكومة المتوقع رفع حظر قيادة المرأة للسيارات في يونيو/حزيران.
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، فإنه في 24 مايو/أيار، اعتقلت السلطات السعودية محمد البجادي، عضو مؤسس في "الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية"، إحدى أولى المنظمات المدنية السعودية. وأضافت أنه منذ 2012، لاحقت السلطات جميع النشطاء المرتبطين بالجمعية تقريبا، والتي حُلت وأوقفت عام 2014.
وفي تعليقها على ما يجري، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، إنه "يبدو أن الحكومة السعودية غارقة في محاولاتها إسكات المعارضة، لدرجة أنها تعيد استهداف النشطاء الذين التزموا الصمت خوفا من الانتقام. على السعودية الحذر من أن موجة القمع الجديدة قد تجعل حلفاءها يشككون في مدى جديتها بشأن تغيير نهجها تجاه حقوق المرأة".
ولفتت المنظمة الدولية إلى أن "الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية" دعت إلى إصلاح سياسي واسع، وقدمت تفسيرات للشريعة الإسلامية تدعم الملكية الدستورية، وطالبت الحكومة بالكف عن الانتهاكات مثل الاعتقالات التعسفية، واعتقال من يمارسون حقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات سلميا. وأضافت أن أعضاءها واجهوا اتهامات غامضة مماثلة، بما فيها ذمّ السلطات، إهانة القضاء، تحريض الرأي العام، إهانة كبار رجال الدين، المشاركة في تأسيس جمعية غير مرخص لها، وانتهاك قانون جرائم المعلوماتية.
وأمضى البجادي عدة سنوات في السجن نتيجة لنشاطه. ويقول نشطاء سعوديون إنه بعد إطلاق سراحه، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، امتنع إلى حد بعيد عن التحدث علنا. وفي آخر تغريدة له، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016، كتب البجادي: "سأقف عن الكتابة والمشاركة في جميع وسائل التواصل الاجتماعي لأسباب لا تخفى عليكم".
وأمس الثلاثاء، أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه من احتجاز نشطاء في مجال حقوق المرأة وغيرهم، داعياً السلطات السعودية إلى الكشف عن مكانهم وضمان حقهم في الإجراءات القانونية السليمة.
وكانت السلطات السعودية قد شنت حملة اعتقالات، يوم الخميس ما قبل الماضي، استهدفت عدداً من الناشطين الحقوقيين الليبراليين والناشطات النسويات، بتهمة "تنظيم نشاط منسق للعمل على هدم الثوابت الدينية والوطنية"، حسب بيان المتحدث الرسمي برئاسة أمن الدولة، وهو الجهاز الأمني الجديد التابع لولي العهد محمد بن سلمان.
وجاء في البيان، الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، أن المتهمين قاموا "بتجنيد أشخاص يعملون في مواقع حكومية حساسة، وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج، بهدف النيل من أمن واستقرار السعودية وسِلْمها الاجتماعي، والمساس باللحمة الوطنية التي أكدت المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للحكم وجوب تعزيزها وحمايتها من الفتنة والانقسام".
واعتقلت السلطات 11 مدافعة ومدافعا بارزين عن حقوق المرأة على الأقل. وأطلقت لاحقا سراح عائشة المانع، وحصة الشيخ، ومديحة العجروش، وولاء آل شبر، ممن لم تُذكر أسماؤهن في البيان الحكومي الذي اتهم المحتجزين بـ"الخيانة". ولم يُكشف عن شروط إطلاق سراحهن.
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، فإن من بين المحتجزين حاليا: لجين الهذلول، وإيمان النفجان، وعزيزة اليوسف، ومحمد الربيع، وإبراهيم المديميغ.
وتأتي الاعتقالات قبل شهر من الموعد المقرر لرفع الحظر على قيادة النساء للسيارات، والمقرر أن يبدأ تطبيقه في أواخر شهر يونيو/حزيران المقبل.
وكان مصدر حقوقي قد أشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "هناك عدداً آخر من المعتقلات أيضاً لم تتبين أسماؤهن بعد، في ظل الحملة الشرسة، حيث استهدفت السلطات، بشكل خاص، الناشطين الليبراليين والناشطات النسويات، في استباق لتطبيق قرار قيادة المرأة للسيارة".
وأشار المصدر إلى تواجد أجهزة جديدة شاركت في عمليات الاعتقال، علاوة على جهاز أمن الدولة، ومنها ما سمي بجهاز الأمن السيبراني، الذي يديره سعود القحطاني، مستشار ولي العهد.