"هيومن رايتس": المليشيات الكردية تجنّد أطفال سورية النازحين

03 اغسطس 2018
المليشيا الكردية تجند القاصرين (أحمد سيك/Getty)
+ الخط -
أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية، وهي أكبر عضو في تحالف "قوات سورية الديمقراطية" في شمال شرق سورية، تجنّد الأطفال، وبينهم فتيات، وتستخدم بعضهم في الأعمال القتالية، رغم تعهداتها بوقف هذه الممارسة.

وقالت القائمة بأعمال مديرة قسم الطوارئ في المنظمة، بريانكا موتابارثي، اليوم الجمعة: "لا تزال وحدات حماية الشعب، رغم تعهداتها بالتوقف، تجنّد الأطفال للتدريب العسكري في الأراضي التي تسيطر عليها. يزداد الأمر فظاعة عندما يُجنَّد الأطفال من العائلات المستضعفة دون علم أهاليهم أو دون إخبارهم بمكانهم. على الحكومة الأميركية التي تدعم قوات سورية الديمقراطية، أن تحثها على إنهاء استخدام الأطفال الجنود".

وأظهرت بيانات الأمم المتحدة الأخيرة زيادة ملحوظة ومقلقة في تجنيد الأطفال من قبل وحدات حماية الشعب في العام الماضي، ومنهم أطفال مخيمات النازحين التي تسيطر عليها. ويحظر القانون الدولي على الجماعات المسلحة غير الحكومية تجنيد أي شخص دون سن 18 عاما، كما يشكل تجنيد الأطفال دون سن 15 جريمة حرب.

وقابلت "هيومن رايتس ووتش" 8 عائلات في 3 مخيمات للنازحين في شمال شرق سورية، وقالت العائلات إن عناصر في وحدات حماية الشعب و"الأسايش" (الشرطة) في المخيمات شجعوا أطفالهم على الانضمام، وأن 6 فتيات وصبيَّين أعمارهم بين 13 و17 سنة قد جندوا. ولم تستطع معظم العائلات الاتصال بأطفالها منذ تجنيدهم، ولم يعرفوا إلا من السلطات أن الأطفال كانوا يتدربون.
وقالت إحدى الأمهات إن ابنها، البالغ من العمر 16 سنة، عندما جُنّد كان له دور قتالي وتوفي أثناء قتال لاستعادة مدينة الرقة. وقالت إحدى المجندات السابقات إنها شاهدت فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 سنة في التدريب.

ووجد التقرير السنوي للأمم المتحدة عن الأطفال في النزاعات المسلحة 224 حالة تجنيد أطفال من قبل وحدات حماية الشعب ووحدتها النسائية عام 2017، بزيادة تقارب 5 أضعاف عن العام السابق. وكان 72 من الأطفال، أي تقريبا الثلث، من الفتيات. وفي 3 حالات على الأقل، اختطفت القوات الأطفال لتجنيدهم.

وقالت جميع العائلات التي قابلتها "هيومن رايتس ووتش" إن أطفالها جُندوا طواعية. في بعض الحالات، ناقش الأطفال هذا الاحتمال مع أهاليهم، الذين رفضوا إعطاءهم الإذن، لكن الأطفال انضموا على أي حال. وقالت أم لفتاة عمرها 13 سنة: "نحن فقراء، لذا أخبروا ابنتي بأنهم سيقدمون لها المال والملابس". رغم أنها قالت لابنتها ألا تنضم، إلا أنها انضمت، ولا تزال مختفية منذ شهر.

وقالت أم فتاة عمرها 16 سنة إنها تلقت مبلغ 300 دولار أميركي شهريا بناء على تجنيد ابنتها، ولكنها لم تتمكن من التواصل معها لمدة 6 أشهر. "ذهبت إلى البوابة الرئيسية [للمخيم] وسألت الإدارة عنها. قالوا إنها بخير، لكني أخبرتهم أنني أريد صورة أو رسالة صوتية. لكننا لا نعرف عنها شيئا، باستثناء راتبها".

وقالت أم فتاة عمرها 17 سنة: "لم أتلقَّ أي مكالمة، ولا توجد أي طريقة للتحدث مع ابنتي. نريد فقط أن نعرف ما إذا كانت حية أم ميتة. أريد مغادرة المخيم، لدي منزل في دمشق. أريد الذهاب الى هناك. لكن أريد أن أعرف عن ابنتي".

المليشيا الكردية تجند الفتيات القاصرات (أحمد سيك/getty) 


وأظهرت أم طفل عمره 16 سنة قُتل في معركة الرقة، لـ"هيومن رايتس ووتش" صورا للصبي في ملابس عسكرية وهو يحمل سلاحا، وسجلات رسمية أكدت عمره، وقالت والدته: "قال لي: أريد أن أحمي منزلي حتى تتمكن عائلتي من العودة. وضعوه في سيارة متجهين إلى الخطوط الأمامية لمعركة الرقة". وزارها مسؤولون عسكريون في المخيم وأخبروها كيف مات ابنها.

وقالت قوات سورية الديمقراطية ردًّا على سؤال للمنظمة الحقوقية، إنه يتم إبلاغ العائلات لدى تجنيد الطفل، ولكن يمكن للأطفال أيضا الانضمام دون موافقة الوالدين، واعترفت الرسالة بأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 سنة يمكنهم الانخراط، لكنهم قالوا إنهم لا يوضعون في أدوار قتالية. "يتم وضعهم في مراكز خاصة يتلقون فيها تدريبات فكرية ومهنية".
وأضافت الرسالة أن الفتيات من مخيمات النازحين طلبن الحماية هربا من الزواج المبكر أو التحرش أو الاغتصاب، وأن "وحدات حماية المرأة" قدمت لهن المأوى والحماية. وأجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلة مع عضوة في وحدات حماية المرأة عمرها 18 سنة، قالت إنها انضمت بسبب مشاكل في المنزل.


وقالت موتابارثي: "حتى لو كان الأطفال يهربون من العنف الأسري أو الفقر، فإن وحدات حماية الشعب لا تحميهم من خلال تجنيدهم في قواتها. إن كانت جادة في مساعدة هؤلاء الأطفال، فعليها الوفاء بتعهداتها وتوفير بدائل لضمان ألا يفقد الأطفال مستقبلهم أو حياتهم".

ووقعت القوات الكردية وثيقة منظمة "نداء جنيف"، والتي من خلالها تتعهد الجماعات المسلحة غير الحكومية بتأييد معايير القانون الإنساني الدولي، بما فيه عدم تجنيد الأطفال، لكنها أدخلت تحفظا ينص على أن المجموعة ستستمر في قبول من هم في سن 16 و17 عاما، ولكنهم لن يقوموا بوظائف عسكرية.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنه يجب إزالة التحفظ بالكامل، والتوقف عن تجنيد أي شخص يقل عمره عن 18 عاما وفقا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة، وبموجب القانون الإنساني الدولي و"نظام روما الأساسي" لـ"المحكمة الجنائية الدولية"، فإن تجنيد أفراد القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة غير الحكومية للأطفال دون سن 15، طوعا أو قسرا، أو ضمهم أو استخدامهم في القتال يرقى إلى جريمة حرب.