أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش''، اليوم الأربعاء، أن السلطات العراقية لم تقم بأي شيء يذكر لوقف قتل المتظاهرين، رغم وعود رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالمساءلة بشأن استخدام قوات الأمن المفرط للقوة منذ مايو/أيار الماضي، مشيرة إلى أنه لم يمثل أي قائد كبير أمام القضاء، بدلاً من ذلك، طُرد بضعة قادة، ومَثَل عناصر أمن منخفضو الرتب أمام القضاء.
وفي تقرير للمنظمة، صدر اليوم، وثقت أنه "وحتى 14 أغسطس/آب 2020، قُتل متظاهران وجُرح أربعة آخرون على يد مسلحين مجهولين، وأن الأشخاص الستة مرتبطون بمجموعة شبابية احتجاجية ذات تطلعات سياسية في البصرة بجنوب العراق، وهم الأحدث في قائمة تضم مئات المتظاهرين القتلى في بغداد وجنوب العراق منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، منهم من قتل على يد قوات الأمن المنتهِكة".
بدورها، قالت بلقيس والي، الباحثة الأولى في قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة، إنه "ازدادت حدة الوضع في العراق لدرجة أن المسلحين يستطيعون أن يجوبوا الشوارع ويطلقوا النار على أعضاء المجتمع المدني بلا عقاب. من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الاتحادية قادرة حتى على كبح جماح العنف في هذه المرحلة وضمان العدالة للضحايا".
وبينت المنظمة أنه في 16 أغسطس/آب 2020، تجمع متظاهرون خارج منزل محافظ البصرة، مطالبين بالمحاسبة على مقتل أحد الناشطين. وقال صحافيان حضرا الاحتجاج إن "عناصر مسلحين بزي قوات التدخل السريع ضربوهما بالهراوات الخشبية، وركلوهما، وصفعوهما عندما رأوهما يصورانهم وهم يضربون المتظاهرين ويطلقون الرصاص الحي في الهواء". وأكدا أن "بعض المتظاهرين ألقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف على قوات التدخل السريع وأضرموا النار في السيارات".
وقالت إحدى الصحافيات: "ذهبت إلى المحكمة في 18 أغسطس/آب وتقدمت بشكوى جنائية ضد قائد قوات التدخل السريع" لضربها بعنف لدرجة تهتُّك طبلة أذنها، "ومن يومها، وحسابات غير معروفة على فيسبوك وإنستغرام تهاجمني وتتهمني بتلقي الدعم الأميركي وتقديم أموال للمتظاهرين للتظاهر"، متسائلة "كيف علموا بالشكوى الجنائية التي قدمتها، إذ لم أنشر أي شيء عنها؟"، وبينت أن هذا الهجوم وصل إلى حد المطالبة باغتيالها.
وأشارت إلى أنه في 6 يوليو/تموز، اغتال مسلحون مجهولون على دراجة نارية المحلل السياسي البارز هشام الهاشمي أمام منزله في بغداد. وكان الهاشمي على اتصال جيد بالنخبة السياسية في العراق، بما في ذلك رئيس الوزراء والرئيس. قبيل مقتله، كان معظم عمل الهاشمي مركزاً على البحث بشأن انتهاكات "قوات الحشد الشعبي" وانتقادها، وهي تابعة رسمياً لرئاسة الوزراء. رغم تعهدات الكاظمي، وعلى حد علم "هيومن رايتس ووتش"، "لم يُقبض على أي شخص بتهمة القتل ولم توفر السلطات أي شفافية بشأن تقدم التحقيق".
وشددت على أنه "ينبغي على الحكومة الاتحادية العراقية فوراً نشر النتائج الأولية التي توصلت إليها لجنة التحقيق في مقتل المتظاهرين علناً، وتحديد جدول زمني واضح للتقرير النهائي للجنة"، داعية إياها إلى "الإعلان عن عدد التحقيقات في سلوك القوات المسلحة المحالة إلى القضاء، بما يشمل أعضاء الحشد الشعبي، منذ بدء الاحتجاجات في 2019، بما في ذلك عمليات القتل الأخيرة".
وتابعت "يجب أن تتضمن تفاصيل نتائج التحقيقات الأحكام والعقوبات الصادرة والمنفَّذة، وأي إجراءات تأديبية أخرى متخذة. ينبغي على الحكومة الإعلان عن الخطوات التي تتخذها للتحقيق في عمليات القتل التي ارتكبتها جهات مسلحة غير حكومية والنتائج التي تحققت. ينبغي عليها أن تعرض علنا جميع التدابير المتخذة حالياً لمنع الانتهاكات المستقبلية من قبل القوات المسلحة في سياقات الاحتجاج".
في الشأن، قالت والي "يبرز الاستهداف المتجدد للمتظاهرين في البصرة استمرار مناخ الإفلات من العقاب وجهود الجهات المسلحة لإسكات المعارضين، وإلى أن تحاكم السلطات بشكل صحيح مرتكبي عمليات القتل المروعة هذه، يخاطر المتظاهرون بحياتهم كل مرة يخرجون فيها إلى الشوارع".
وأمس، الاثنين، وجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي القوات الأمنية بحماية المتظاهرين وتوفير الأمن لهم، محملاً إياها مسؤولية التعامل معهم وفقاً لمبادئ حقوق الإنسان، وشدد على ضبط أمن السجون، وذلك خلال ترؤسه اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني، خصص لمناقشة المستجدات الأمنية في البلاد.
يشار إلى أن وزير الداخلية، عثمان الغانمي، كان قد أكد خلال زيارته إلى محافظة البصرة، الخميس الماضي، على ضرورة توفير الحماية للناشطين، على خلفية حملة اغتيالات استهدفت متظاهرين وناشطين باحتجاجات المحافظة، كما أجرى الكاظمي تغييرات لقادة أمنيين في البصرة طاولت قائد الشرطة ومدير الأمن الوطني في المحافظة.