"هآرتس": الانسحاب الأميركي من سورية سيغري روسيا ويحوّلها عن إسرائيل

21 أكتوبر 2019
موسكو لن تتردد بالمس بمصالح تل أبيب(ألكسندر زيمليانيشينكو/فرانس برس)
+ الخط -
حذّرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الإثنين، من أن الانسحاب الأميركي من سورية سيغري روسيا بإحداث تحول سلبي على أنماط تعاطيها مع إسرائيل ومصالحها، وذلك بالتزامن مع مباحثات أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تناولت الوضع في سورية.

وأعلن الكرملين، في بيان نقلته وكالة "سبوتنيك" الروسية، أنّ "بوتين ناقش خلال اتصال هاتفي، مع نتنياهو، القضايا الحيوية على جدول الأعمال الثنائي، والوضع في سورية".

وأضاف "خلال محادثة هاتفية، هنأ الرئيس بوتين نتنياهو بعيد ميلاده السبعين. وناقشا بعض القضايا المهمة والوضع في سورية".

وتزامن الاتصال الهاتفي مع تحقيق نشرته، اليوم، صحيفة "هآرتس"، حذّرت فيه من أن تحوّل روسيا إلى "العنوان الوحيد" الذي يمكن أن تتوجه إليه إسرائيل في سعيها لاحتواء التمدد الإيراني في المنطقة، سيجعل موسكو لا تتردد بالمس بمصالح تل أبيب في حال أعاقت المصالح الاقتصادية الروسية.


وأعادت الصحيفة إلى الأذهان حقيقة أنّ موسكو محبطة بسبب رفض تل أبيب السماح لها بالاستثمار في سوق الطاقة الإسرائيلي.

وأشارت إلى أن إسرائيل رفضت عام 2006 طلب شركة "روسفنت" الروسية الاستثمار في مصفاة النفط في أسدود، حيث اعترض جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) على السماح للشركة الروسية بالاستثمار في المصفاة لدواعٍ أمنية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد اكتشافات الغاز في شرق حوض البحر المتوسط، خشي الروس من صعود منافس جديد في السوق الأوروبي، وحاولت شركة الغاز الروسية العملاقة "غازفورم" الحصول على امتياز للتنقيب على الغاز في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، وهو ما تم رفضه من قبل تل أبيب.

وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير المستبعد ألا تبدي موسكو حرصاً على مصالح تل أبيب في حال واصلت الأخيرة رفضها السماح لروسيا بالاستثمار في سوق الطاقة الإسرائيلي.

وحسب "هآرتس"، فإنّ العامل الاقتصادي هو السبب الرئيس وراء وجود روسيا في المنطقة، على اعتبار أن هذا الوجود يسمح لها بالتأثير على سوق الطاقة العالمي، ناهيك عن رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالحصول على حصة في سوق السلاح المُصدر للمنطقة، على اعتبار أنه معني ببيع منظومات أسلحة ومفاعلات نووية.

وشدّدت على أن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لروسيا بالاستثمار في سوق الطاقة أو في مشاريع البنى التحتية والشركات الكبرى، على اعتبار أنّ هناك احتمالا كبيرا أن يستغل الروس وجودهم هناك في التجسس "الصناعي والعسكري"، إلى جانب أنّهم لن يترددوا في محاولة التأثير على منظومة الحكم الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن رئيس "الشاباك"، نداف أرغمان، سبق أن حذّر عشية الانتخابات الأخيرة، من أن "دولة أجنبية" تحاول التأثير على سير الانتخابات، في إشارة إلى روسيا.

ونقلت "هآرتس" عن عوزي عراد، الذي عمل سابقاً رئيساً لمجلس الأمن القومي ومستشاراً سياسياً لنتنياهو، قوله إنّ "أحد أسباب تقارب بوتين من إسرائيل يكمن في الانطباع المتجذّر لدى القيادة الروسية بأن لإسرائيل والجاليات اليهودية في العالم تأثيرا طاغيا على دوائر صنع القرار في الكثير من الدول وتحديداً في الولايات المتحدة".

واستدرك عراد بأن "مصالح روسيا لدى إيران أقوى بكثير من مصالحها المشتركة في إسرائيل"، مشدداً على أنه "لا يستبعد أن يقف الروس إلى جانب الإيرانيين في حال اندلعت مواجهة بين إسرائيل وإيران في سورية".

وتنقل "هآرتس" عن تسفي مغين، السفير الإسرائيلي الأسبق في موسكو، والباحث حالياً في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، قوله إنّ "هناك مركزي ثقل يؤثران على دائرة صنع القرار الروسي، أحدهما النخبة العسكرية التي تتبنى مواقف متشددة من الغرب وإسرائيل، والنخبة الاقتصادية التي تحبذ التوصل لتسويات"، مبيناً أنّ "أحداً في إسرائيل لا يعرف على وجه اليقين أي المركزين هو صاحب التأثير الأكبر على توجهات بوتين من تل أبيب".

وحسب "هآرتس"، فإنّ ما يفاقم الأوضاع الاستراتيجية لإسرائيل سوءا، حقيقة أنّ الانسحاب من سورية يأتي في إطار تحولات جذريّة على السياسة الخارجية الأميركية.


وأشارت إلى أن تفسير الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بالسماح بتوجّه 2800 جندي أميركي للسعودية، بالقول إنّ "الرياض وافقت على دفع أموال مقابل ذلك"، يدلّل على أن الأميركيين يمكن أن يربطوا تقديم أي مساعدات لإسرائيل في المستقبل بالحصول على مقابل.

ولفتت الصحيفة إلى أن منافسي ترامب الديمقراطيين لا يبدون أكثر حرصاً منه على المصالح الإسرائيلية، محذّرة من أن القرار الأميركي بوقف تقديم الدعم لإسرائيل "هي مسألة وقت فقط"، حيث إن الولايات المتحدة ستحرص على جباية ثمن مادي أو سياسي مقابل أي دعم تتلقاه تل أبيب.

وحسب عوزي عراد، فإنّ الانعزالية التي تسيطر على توجهات النخب الأميركية باتت تؤثر بشكل حاسم على السياسات الخارجية الأميركية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بأن تلعب دور شرطي العالم، وهذا ما يفاقم رغبتها بمغادرة المنطقة، وهو ما يمثل مساً بمصالح إسرائيل.