ونقلت الصحيفة، في تقرير، اليوم الأربعاء، عن مصادر أميركية وسعودية، اشترطت عدم الكشف عن هويتها، حتى لا تتعرّض هي أو جهات اتصالها في المملكة للخطر، أنّ محمد بن نايف تعرّض لضغط مديد، دام عدة ساعات قبل أن يتخلى عن ولاية العهد.
وفي التفاصيل، كشفت مصادر الصحيفة، أنّ اجتماعاً جرى في نهاية شهر رمضان الماضي، في قصر الصفا في مكة المكرمة، حضره عدد من كبار الأمراء والمسؤولين الأمنيين، وتم إبلاغهم فيه أنّ الملك سلمان يرغب برؤيتهم، حيث تم اقتياد محمد بن نايف إلى إحدى الغرف، وقام مسؤولو الديوان الملكي بمصادرة هواتفه، ودعوته للتخلي عن منصبه كولي عهد ووزير داخلية.
وبحسب المصادر، فقد رفض بن نايف الضغوط في البداية، قبل أن يدركه التعب مع اقتراب الفجر ويوافق على الاستقالة.
ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من العائلة المالكة، أنّ أعضاء هيئة البيعة أبلغوا أنّ ولي العهد السابق يعاني من مشكلة مخدرات، وأنهّ لا يصلح أن يكون ملكاً.
ومحمد بن نايف، يعاني من مرض السكري، حيث أعرب أصدقاء مقربون عن قلقهم بشأن صحته منذ محاولة اغتياله عام 2009 من قبل انتحاريين، مشيرين إلى معاناته من ألم مستمر وآثار اضطراب ما بعد الصدمة.
ونقلت الصحيفة عن ضابط سابق، في وكالة الاستخبارات الأميركية، قوله إنّ "إصابة بن نايف في محاولة الاغتيال، كانت أخطر مما ذكرته وسائل الإعلام، وأنّه بالفعل يتعاطى أدوية مسكّنات مسبّبة للإدمان مع تفاقم الإصابة".
وفي السياق، ذكرت الصحيفة نقلاً عن مسؤول أميركي ومستشار سعودي، أنّ محمد بن نايف عارض الحصار المفروض على قطر، ما سرّع بعملية الإطاحة به.
وكانت الصحيفة قد كشفت، الشهر الماضي، أنّ محمد بن نايف حبيس قصره بجدة وممنوع من مغادرة الأراضي السعودية، وأشار إلى أنّ الفريق أول عبد العزيز الهويريني، وهو أحد مساعدي محمد بن نايف ويتمتع بعلاقات أمنية حيوية مع الولايات المتحدة، هو أيضاً تحت الإقامة الجبرية.
وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أنّ موظفي وكالة المخابرات المركزية، أبلغوا البيت الأبيض خشيتهم من إبعاد بن نايف والهويريني، وتأثيره المحتمل على تبادل المعلومات الاستخبارية مع الرياض.
وأضافت المصادر للصحيفة، أنّ مسؤولي مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق إزاء اختفاء الجهات الأمنية السعودية التي كانوا على علاقة متينة بها، حيث يتمتع بن نايف بشبكة حلفاء واسعة في الولايات المتحدة وغيرها من الدول العربية والغربية، ولا سيما بعد جهوده في تفكيك خلايا تنظيم "القاعدة" في السعودية قبل عشر سنوات.
وذكر الباحث في معهد "بيكر" للسياسات العامة كريستيان أولركسن، للصحيفة، أنّ من شأن تركز الكثير من السلطات داخل فرع واحد من العائلة وبيد شخص واحد هو ابن الملك، وهو أيضاً أصغر من كثيرين من أبناء عمومته وأبناء الملوك السابقين، أن يثير الكثير من النزاعات داخل العائلة المالكة.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ حالة التكتم الشديد الذي تحيط العائلة المالكة نفسها به، تجعل الكثير من الدبلوماسيين ورجال المخابرات وحتى أفرادها يجهدون لفك مجريات الأمور الداخلية.
ويعود هذا التنافس في الرياض، بحسب الصحيفة، إلى العام 2015، منذ تولّي الملك سلمان مقاليد الحكم، حيث بدأ بمنح سلطات واسعة لابنه المفضل، إذ يشغل محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع ويرأس مجلس الشؤون الاقتصادية، ويشرف على عمليات شركة "أرامكو" للنفط.
وقد تعزّزت صلاحيات بن سلمان، مع زياراته إلى الصين وروسيا والولايات المتحدة، حيث التقى العام الماضي مارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لشركة "فيسبوك"، وتناول العشاء مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، بالإضافة لتوجيهاته بخصوص رؤية 2030 لتحويل الاقتصاد السعودي وزيادة رفاه المواطنين.
وفي هذا السياق، أشارت "نيويورك تايمز"، إلى تضارب الآراء بشأن ولي العهد الجديد، حيث يعتبره أنصاره مسؤولاً دؤوباً وصاحب توجيهات استثنائية ويدعمه معظم الشباب السعوديين، بينما يصفه خصومه بالطائش والمتعطش للسلطة، ويرون أنه جرّ المملكة إلى حرب فاشلة ومكلفة في اليمن، وإلى أزمة لا أفق لها مع دولة قطر.
ولفتت الصحيفة الانتباه، إلى تغيّب الملك سلمان وابنه، عن أعمال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا، الأمر الذي لم يحصل في أي من الاجتماعات الثلاثة الماضية للقمة.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم، إنّ الصراعات على السلطة هي أحد أسباب بقائهما في السعودية، بالإضافة إلى الخشية من مواجهة انتقادات تتعلق بالحملة التي تقودها المملكة على قطر.
وتوجهت الصحيفة لمصادر سعودية للتعليق، حيث تلقت بياناً مكتوباً بقلم مسؤول سعودي كبير نفى تعرّض محمد بن نايف للضغوط، مشيراً إلى أنّ هيئة البيعة قامت بالتغيير "من أجل مصلحة الأمة" وأنّ بن نايف أول من بايع بن سلمان، بل وأصرّ على تصوير وبثّ لحظة البيعة. وكان نشر فيديو يظهر محمد بن سلمان يقبل يد محمد بن نايف ويقول له "ما نستغني عن توجيهاتكم ونصحكم"، عقب صدور الأمر الملكي بتعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد وإبعاد بن نايف.
وشدّد بيان المسؤول السعودي، على أنّ ولي العهد السابق، يستقبل ضيوفه بشكل يومي في قصره بجدة بمن فيهم الملك الذي زاره أكثر من مرة، وأنّ الفريق أول الهويريني ما يزال على رأس عمله وقد كان إلى جانب غيره من الضباط الذين بايعوا ولي العهد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وسعوديين، أنّ هناك سخطاً خفياً على الأوامر الملكية الأخيرة التي قادت إلى التغيير الحاصل، والذي ما تزال نسبة تأييده من قبل العائلة غير واضحة. ورغم ما ذكرته وسائل الإعلام السعودية، من أنّ 31 من أصل 34 عضواً فى هيئة البيعة، كانوا مع التغيير، بحسب الصحيفة، إلا أنّ المحللين ذكروا أن كثيرين لا يجرؤون على التصويت ضد رغبات الملك.
ولفتت الصحيفة، إلى أنّ عدداً من السعوديون الذين صدمتهم التغييرات الأخيرة، يخشون من أن تخرج الانقسامات داخل العائلة المالكة إلى العلن، وتؤدي إلى زعزعة استقرار المملكة.