"نمشى عشانها"، مبادرة أطلقتها منظمة "صداقات" التطوعيّة التي تضم مجموعة من الناشطين بهدف التوعية حول سرطان الثدي في السودان. أصرت المنظمة على السير 450 ألف خطوة انطلاقاً من مقرّها، وبمشاركة عدد من المتطوعين والداعمين، ضمن الشهر العالمي (أكتوبر/تشرين الأول) للتوعية حول سرطان الثدي.
كانت البداية في السير ألفين خطوة، وقد شارك في هذه المسيرة نحو 500 شخص حملوا لافتة كتب عليها: "عشان بنحبك"، وأُخرى تحثّ على الكشف الذاتي من خلال عبارتي: "فحصك الآن يعني الأمان"، و"مرة في الشهر بتفرق كتير".
في السياق، قالت منسقة الحملة هند عبد المنعم لـ "العربي الجديد" إن "الحملة تهدف إلى التوعية حول سرطان الثدي الذي بات منتشراً في البلاد، حتى بين الرجال". وأشارت إلى أهمية حث المواطنين على الكشف الذاتي والكشف المبكر، وتغيير المفاهيم الخاطئة في المجتمع، علماً أن كثيرين يخافون المرض. وتوضح أن البعض يرفضون الفحص الذاتي والمبكر نتيجة الخوف.
وأكدت عبد المنعم أن الحملة ركزت على نشاطات عدة، على غرار السير 450 ألف خطوة، بالإضافة إلى إطلاق حملات توعية أسبوعية بعنوان "اطمئني وطمنينا" في الأحياء السكنية والمدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة، تشمل تقديم محاضرات، والتدريب حول كيفية الكشف الذاتي، وتقديم هدايا لربات البيوت عبارة عن علب للبهارات، كتب عليها عبارات تحث على الكشف الذاتي، على غرار "عشان ما تحرمينا من أكلك الجميل افحصي الآن"، و"لأننا بنحب كل حواء السودان عايزينها تكون سليمة".
وتحدثت عبد المنعم أيضاً عن حملة "خلّي بالك"، وتركّز على توعية تلاميذ المدارس، وحملة "أوعديني تفحصي"، التي تستهدف المؤسسات والمصانع بهدف التذكير بأهمية الفحص المبكر، وحملة "جينا عشانكم" التي تشمل المراكز التجارية والمولات. وأوضحت أن الحملة مستمرة طيلة الشهر الجاري، مشيرة إلى أنها استهدفت ثمانية أحياء.
إلى ذلك، لفتت عبد المنعم إلى التجاوب مع الحملة، وتجلّى ذلك من خلال زيادة الطلب على حملات التوعية وخصوصاً في المدارس والأحياء. وأشارت إلى أن هذه الحملات لم تعد تقتصر على المتطوعين، بل الكثير من كبار السن حتى، وإن كان هناك افتقار لأرقام رسمية حول نسب المصابين بسرطان الثدي. أضافت أن المعلومات غير الرسمية تؤكد أنه من بين كل مائة حالة، هناك إصابة بسرطان الثدي.
من جهة أخرى، أكد مصدر في وزارة الصحة لـ "العربي الجديد" أن هناك ارتفاع في نسب المصابين بسرطان الثدي وسط الرجال بأكثر من واحد في المائة، لافتاً إلى أن نسبة الإصابة به تقدّر بـ 20 في المائة من بين الإصابات بالأورام السرطانية الأخرى. وأشار إلى أن عدد الإصابات بسرطان الثدي وصلت إلى 34 في المائة، أي نحو 1270 إصابة، 39 منها لدى رجال. أضاف أن "أعلى نسبة إصابة سجلت في العاصمة الخرطوم، تليها ولاية الجزيرة في وسط البلاد"، مشيراً إلى أن 40 في المائة من الإصابات بسرطان الثدي يمكن منعها، عدا عن معالجة 40 في المائة أيضاً في حال اكتشافها في وقت مبكر.
وأكد أن هناك جهودا تبذل من قبل الوزارة للتوعية حول المرض ومعالجته، فضلاً عن توفير الأدوية، علماً أن هناك تحديات تقف عائقاً أمام مواجهة المرض، منها العقوبات الأميركية، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى نقص في العلاج. ولفت إلى أن بعض المعدات الطبية ما زالت معطّلة في البلاد بسبب العجز.
أيضاً، كشف المركز القومي للأورام والعلاج بالأشعة عن ارتفاع نسبة الإصابة بمرض سرطان الثدي، لافتاً إلى أن "85 في المائة من هذه الإصابات شخصت في وقت متأخر".
وبسبب الخوف المتفشي في المجتمع السوداني، والمفاهيم الخاطئة، نادراً ما تتخذ إحداهن قراراً بالفحص المبكر. في السياق، تقول لمياء لـ "العربي الجديد": "يستحيل أن ألجأ إلى الكشف الذاتي حتى لا تسوء حالتي النفسية. فإذا ما لاحظت وجود أي ورم، سأعيش في حالة سيئة إلى حين ظهور النتيجة. لماذا أعيش هذه التجربة القاسية؟". أما سميرة، فتقول لـ "العربي الجديد" إنها اكتشفت وجود ورم من خلال الفحص الذاتي، مضيفة أن الطبيب طلب إجراء صورة شعاعية، وقد عاشت أياماً صعبة إلى حين ظهور النتيجة. صحيح أنها لم تكن تعاني من مرض السرطان، إلا أنها لم تعد تجري الفحص حتى لا تعيش الإحساس نفسه مرة أخرى.
في المقابل، تقول أروى وهي ناجية من المرض، إنها عاشت تجربة السرطان ونجحت في الشفاء منه تماماً بسبب اكتشاف المرض قبل أن يتطور. تضيف أنه منذ ذلك الوقت، وهبت نفسها للتطوع في مجال التوعية حول سرطان.
اقرأ أيضاً: الجميلة والوحش