"نسخة جديدة" من توماس فريدمان بعد زيارة الرياض

26 نوفمبر 2015
تحدّث فريدمان عن ملامح جيل سعودي مختلف (Getty)
+ الخط -
أثارت زيارة الكاتب الأميركي في صحيفة "نيويورك تايمز"، توماس فريدمان، إلى الرياض، الكثير من الجدل بين السعوديين، بسبب مواقفه السابقة الناقدة للمملكة. وكان فريدمان قد تلقّى دعوة من مركز الملك سلمان للشباب، وألقى محاضرة عن العولمة الأسبوع الماضي. 

وكتب فريدمان مقالاً عنيفاً ضد السعودية في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي، اعتبر فيه أن المملكة سبب "إلغاء التعددية من الإسلام"، وأنها مصدر التطرف، وملهمة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

ولعلّ المقال الذي أثار كثيراً من النقاشات، إذ كُتبت مقالات في الصحف السعودية للتعقيب عليه، بات جزءاً من الماضي، إذ كتب فريدمان، أمس الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني، مقالاً مغايراً، بعد زيارة الرياض، ليتحدث عن "صراع أجيال داخل المملكة"، وليقول إنّه اكتشف "سعودية مختلفة" عن تلك "التي يُكتب عنها من بعيد".

يبدأ فريدمان مقاله "الجديد" بصيغة اعتذارية، يذكر فيها رؤيته السابقة، والذي يصفها بأنها تشكلت "عن بُعد"، ليقرر بأنه "من السهل الكتابة عن السعودية من بعيد، انطلاقاً من اعتبار السعودية هي مصدر لنسخة مضادة للتعددية في الإسلام... النسخة الأكثر تطرفاً التي احتضنها تنظيم الدولة الإسلامية"، ولكنه يستدرك حالاً: "لكن ما أربكني، أنني عندما أذهب إلى هناك، وأقابل الناس، أحب هذا، ورأيت تيارات مضادة للتوجه العام".

يذكر فريدمان في مقاله أيضاً أنه جاء إلى السعودية "بحثا عن جذور داعش"، في السعودية حيث "يعلو صوت رجال الدين المحافظين في تويتر". وانتقد فريدمان القضاء السعودي، باعتباره خاضعاً لهيمنة "المحافظين"، وأنهم "يحكمون على الليبراليين بالجلد".

لكنه يُعقّب: "ولكني صدمت بما لم أعرف". ينقل فريدمان عن وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، قوله إن السعودية "لم تعد سعودية جدي، ولا حتى أبي، ولا حتى جيلي"، كناية عن أن السعودية تتغير.

تحدث فريدمان في مقاله عن ملامح ثلاثة لجيل سعودي جديد مختلف. الأول أن "أغلب السعوديين تقل أعمارهم عن 30 سنة". والثاني أن قرابة مائتي ألف سعودي يدرسون في الخارج، وينضمون للقوى العاملة في الدولة بعد حصولهم على شهادات من جامعات غربية. والملمح الثالث لهذا الجيل، أنه "يستخدم تويتر للحديث عن قضاياه للحكومة".

وتحدث فريدمان كذلك عن المحاضرة التي ألقاها في السعودية أمام جمهور من الشباب السعودي أكثريّتهم من النساء.

كما ينقل فريدمان عن ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، خططه لفك الاعتماد على النفط، ومحاولة إجراء تعديلات اقتصادية تضمن تحسين الأوضاع الاقتصادية في الدولة، حتى لو هبط سعر النفط لما دون الثلاثين دولارا للبرميل. كما ينقل قول الأمير: "سبعون بالمائة من الشباب السعودي يمتلكون رؤية مختلفة عن الثلاثين بالمائة المتبقين". كما ينقل أن محاربة الفساد في السعودية هي أحد التحديات الرئيسية.

يصيغ فريدمان تعليقه بصيغة أسئلة، يقول: "هل هذا سينتج سعودية أكثر انفتاحا؟ أو سعودية أكثر محافظة وفاعلية؟ أنا لا أعرف".

يعيد فريدمان في مقاله إنتاج ما يقال دائما في الصحف الأميركية، باعتبار أن المجتمع غير جاهز للتغيير، يقول: "أحد السعوديين المتعلمين قال لي إن هناك مقاومة للتغيير، لكن هناك مقاومة لهذه المقاومة".

وأورد في مقالته تفاصيل كثيرة عن لقائه بالأمير محمد بن سلمان، ونقل كذلك الحديث الذي دار بينهما عن أهمية أن تعكس الحكومة أوضاع المجتمع، وتصبح جزءا منها، بالإضافة إلى انتقاداته اعتبار السعودية مصدر داعش، يقول الأمير محمد بن سلمان، بحسب فريدمان: "داعش تفجر المساجد في السعودية، بينما يقوم العالم باتهام السعودية بأنها ملهمة لداعش".

يخلص فريدمان إلى وجود توجّهين في الحكومة السعودية والمجتمع، أحدهما محافظ "يروج الإسلام السلفي"، وآخر يعمل مع الغرب من أجل "مواجهة الجهاديين".

وكان فريدمان قد كتب مقالاً عنيفاً ضد السعودية، قبيل زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى واشنطن قال فيه: "مع تغطية صحيفة واشنطن بوست إرسال 200 جنرال وأدميرال أميركي متقاعد، رسالة إلى الكونغرس ليدفعوا باتجاه رفض الاتفاق النووي مع إيران، باعتباره مهددا للأمن القومي الأميركي.. هناك خطر آخر في الشرق الأوسط غفلت عنه الرسالة ويجب الحديث عنه".

اقرأ أيضاً: لماذا يهاجم الإعلام الأميركي السعودية؟

اقرأ أيضاً: مسلمو بريطانيا غاضبون من "ذا صن"

المساهمون