تدريجياً، راحت منصة نتفليكس تعرض أفلام جويل وإيثان كوين، حتى اكتملت باقتها أخيراً مع فيلم No Country for old men. قبل عامين، صدرت تُحفة الأخوين الأخيرة، The Ballad of Buster Scruggs، بإنتاج نتفليكس نفسها. وخلال الشهرين الأخيرين، أتبعت هذا الإصدار بإضافة عدة أفلام للأخوين على قائمة الأعمال السينمائية التي تعرضها. يُضاف إلى هذه الأفلام، أيضاً، مسلسل "فارغو" Fargo، الذي أُخذ موسمه الأول عن فيلم للأخوين يحمل الاسم نفسه، وهما أيضاً اللذان أشرفا على إنتاج السلسلة بمواسمها الثلاثة.
خلال الشهر الماضي، أدرجت نتفليكس على قائمة عروضها فيلمين للأخوين كوين، هما The Big Lebowski وBurn After Reading. إن الفيلمين الأخيرين، بالإضافة إلى No Country for old men، تمثّل جميعها سخرية سوداء من المجتمع الأميركي، والمنظومة والقيم والمبادئ (واللامبادئ) التي تحكم الناس هناك. وتجمع بين الأفلام الثلاثة فكرة الصدفة، التي يمكنها أن تقود إنساناً بسيطاً هامشياً إلى أحداث لم تكن في الحسبان يوماً.
في The Big Lebowski (1998)، يجد ليباوسكي، أو The dude، نفسه متورّطاً بمهمّة تقتضي العثور على زوجة مليونير أميركي، مواجهاً خلال تنفيذه المهمّة عصابات تهدده وأصدقاءه بالقتل. كل هذا يحدث معه نتيجة خطأ بسيط، وهو تشابه اسمه مع اسم المليونير الأميركي. يصوّر الفيلم عبث الأغنياء بمصائر الطبقة الوسطى وما دونها، بطريقة كوميدية تضخّم الواقع وتمنحه عمقاً كاريكاتورياً.
كذلك الأمر في Burn After Reading؛ صدفة تقود شابا وفتاة إلى التورّط مع كل من الاستخبارات الروسية والأميركية؛ إذ يعثران على قرص مدمج في النادي الرياضي الذي يعملان فيه، يحتوي معلومات سرية خطيرة جاءت في يوميات عسكري أميركي مطرود من عمله وكان يرتاد النادي. يجد الشاب والفتاة نفسيهما متورّطين في عالمٍ لم يدركا أصلاً وجوده. وكل ما يطمحان إليه هو مكافأة مالية لا أكثر. هنا، إلى جانب السخرية من هؤلاء، ينال الأخوان كوين من النظام الاستخباري، ويسخران منه ومن طريقة تفكيره وعمله ومعالجته للأمور؛ إذ يظهر نظاماً جاهلاً لا يستطيع أن يتابع قضية بسيطة تورّط فيها مواطنان أميركيان عاديان.
أما في No Country for old men، فيعود الأخوان كوين إلى فكرتهما المحببة؛ حقيبة المال، كما في فيلم Fargo أيضاً. يعثر شخص متقاعد على حقيبة فيها مليونا دولار. لكنه عاد إلى المكان الذي عثر فيه على الحقيبة لسبب تافه، ليجد نفسه مُلاحقاً من قاتلٍ يُعامِل الناس كما لو أنّهم مواش. سايكوباتي معتوه لا يرحم أحداً، ويقتل مستمتعاً بهذا الفعل. أدّى دور القاتل الممثل الإسباني خافيير بارديم، وقد لفت الأنظار إليه حينها.
النظام، الذي من المفترض أنه يلاحق القاتل، نظام عجوز، هش، مترهّل، وهزلي، كما هو الحال في Burn After Reading؛ إذ نلاحظ أن مسؤولي الأمن والشرطة كما لو أنهم أشبه بحالة استسلام وتراخٍ في التعامل مع القضية ككل، ويفكرون فقط في التقاعد وموعده. هكذا، ربما ننتظر عملاً آخر يجمع الأخوين على منصّة نتفليكس التي يبدو أنها ستُدرِجُ مزيداً من أفلامهما على المدى القريب