أعلنت هيئة الحقيقة والكرامة أنه تم اختيار نادي عليسة بسيدي الظريف بضاحية سيدي بوسعيد، لعقد أولى الجلسات العلنية للاستماع لضحايا الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان، المنتظر تنظيمها يومي 17 و18 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وأكدّ أعضاء من الهيئة اليوم، الإثنين، في مؤتمر صحافي بمقر الهيئة، أنّه تم اختيار هذا الفضاء الذي طالما كان رمزا للقمع والفساد، إذ استغله أقرباء العائلة الحاكمة في عهد الرئيس المخلوع بن علي، للقيام بالعديد من التجاوزات، والاستيلاء على أموال عمومية، ليكون فضاء للمصالحة، وللاستماع إلى ضحايا الاستبداد.
وقال رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة، خالد الكريشي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الهدف من هذه الجلسات كشف حقيقة الانتهاكات التي وقعت طيلة نصف قرن من تاريخ تونس، معتبرا أن الهدف لن يكون التشهير أو تصفية الحسابات السياسية أو الحزبية، بل كشف الحقائق.
وأفاد الكريشي أن "لفضاء عليسة دلالات رمزية لطي صفحة الماضي، ولتحقيق العدالة الانتقالية"، مبينا أن الانتهاكات استمرت حتى بعد الثورة، وأن الهيئة تلقت ملفات عدد من الضحايا من رموز النظام السابق أو ما يعرف بضحايا المراحل الانتقالية".
وبين أن ضحايا الانتقالات السياسية، ليسوا ضحايا ما بعد الثورة فقط، بل يوجد أيضا ضحايا منذ نظام "البايات" في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وضحايا الانتقال الذي حصل عندما تولى الرئيس المخلوع بن علي الحكم، واعتبر أن هذا المسار يكشف أن العدالة الانتقالية يجب أن تكون عدالة حقيقية وليست انتقامية.
وأوضح الكريشي أنّ هذه الجلسات ستساعد في حفظ الذاكرة، وطي صفحة الماضي للمرور إلى المصالحة الوطنية، وبناء تونس الغد، مما سيمكن من التصدي مستقبلا لأي انتهاكات قد تحصل، مؤكدا أن الهيئة ستخصص لاحقا جلسات لمرتكبي الانتهاكات ما سيساعد في كشف الحقيقة، وإنصاف الضحايا.
وأشار إلى أنّ الضحايا الذين سيتحدثون خلال جلسات الاستماع العلنية، هم في الحقيقة لا يمثلون أنفسهم فقط، بل يمثلون نحو 62 ألف ضحية تقدموا بملفات للهيئة وعاشوا نفس المحن، ونفس الانتهاكات.
وقالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، إنّ نادي عليسة له رمزية كبيرة في عملية الإصلاح وبناء العدالة الانتقالية، مبينة أن الهيئة وجهت الدعوة إلى الرؤساء الثلاثة، وإلى رؤساء لجان الجمعيات الحقوقية عبر العالم من أميركا اللاتينية وآسيا وبلدان أفريقية لحضور الجلسات العلنية، ومعاينة انطلاق مسار العدالة الانتقالية في تونس.
وأضافت بن سدرين أن عدد الضحايا الذين سيتم الاستماع إليهم في أولى الجلسات سيكون 10 ضحايا، بمعدل ما بين 30 إلى 45 دقيقة لكل منهم، على أن يتم تخصيص جلسات أخرى في شهري ديسمبر ويناير، مبينة أنه وقع التركيز على الانتهاكات الجسيمة بحسب الفصل 8 من قانون العدالة الانتقالية، وأن جلسات الاستماع ستكون علنية، وستنقل عبر القنوات والإذاعات المحلية والأجنبية.
وأكدت أنّ الهيئة أصدرت ميثاقا حول كيفية تغطية هذه الجلسات، لكي لا يتم انتهاك المعطيات الشخصية للضحايا.
يذكر أن عددا من معتصمي العفو التشريعي العام، اقتحموا المؤتمر الصحافي رافعين شعارات عن الاضطهاد الذي عاشوه قبل الثورة وبعدها، مطالبين بإحداث صندوق الكرامة، وحضور جلسات الاستماع، مؤكدين أن الهيئة لم تف بتعهداتها تجاههم.