يفتتح المهرجان بعرض "قنديل الحب والتسامح"، في صالة "مولانا درغاي سمعَخانة"، إذ يتقدمه قراءة شعرية، ودعاء للرومي، وعرض لرقص السمع (رقص الدراويش) تؤديه فرقة "موسيقى التصوف التركية".
يشارك في المهرجان العديد من فرق موسيقى التصوف التركية، أهمها فرقة "قونية للموسيقى الصوفية"، إضافة إلى موسيقيين أتراك مثل عازف الناي نيازي سايان (1927)، والمغني أحمد أوزهان (1941)، وعازف الطنبور والناي مراد سليم توكاش (1962)، كما ويشارك راقصون مثل يوسف كايا الذي سيؤدي مع فرقته رقصاً دائرياً على مقطوعة من مقام الهزام، ألفها الموسيقي حمامزاده إسماعيل داده، يعود تاريخها إلى بداية القرن التاسع عشر.
تبين العروض المختارة للمهرجان (خمسون عرضاً) مدى اتساع بيئتة الثقافية، إذ يضم البرنامج الذي وضعته "جمعية موسيقى التصوف التركية" مؤلفات لموسيقيين قدامى، مثل عثمان داده، والدرويش إسماعيل، والسلطان سليم الثالث.
ويلحظ في هذا النوع الموسيقي الاستناد على آلتي الناي والدف؛ ما يضفي نزعة كلاسيكية على الأعمال المؤلفة على مقامات مثل العشاق والسوزدلارا، إلى جانب اختيار قوالب ذات زمن إيقاعي طويل، مثل "البشرف"، توحي بهيبة الطقس وروحانيته العالية.
أما في الرقص، فيقدم دراويش قونية بعضاً من تقاليدهم، التي أخذوها عن الرومي، وصديقه شمس التبريزي، وأصبحت جزءاً من هويتهم، إذ طوروها بعد وفاته. ومن هذه الرقصات "السمع"، التي ابتدعها الرومي ورقصها في شوارع قونية، ووثّقها ابنه سلطان ولد، ثم أداها الأتباع بالدوران حول أنفسهم، معتمرين على رؤوسهم كلّة (طربوش) عسلية اللون، مرتدين تنورة بيضاء طويلة تسمى حركة.
بعد إعلان تأسيس الجمهورية التركية، تم التضييق على المتصوفة، حيث منع مصطفى كمال أتاتورك الدراويش من ممارسة طقوسهم، وأغلق التكايا و"السمعَخانات" التي كانوا يجلسون فيها للذكر، وتحول مركز الصوفية في قونية إلى متحف، وغيبت نحو ربع قرن، إلى أن عاد وسمح بها "الحزب الديمقراطي"، الذي وصل إلى الحكم في تركيا عام 1950.
يختتم المهرجان أعماله في اليوم العاشر (17 من الشهر الجاري)، بطقس "شيب عروس"، أو ليلة العرس، وهي ليلة وفاة الرومي. خلال هذه الليلة، يقدّم الدراويش والموسيقيون طقس الزفاف، الذي يبدأ عادةً بقراءة المثنوي، تليه تقاسيم على آلة الناي، ثم مقطوعة من مؤلفات عثمان داده.
تشكل متتالية الطقوس الشعرية الموسيقية، التي يقدمها المهرجان، استعراضاً لحياة الرومي وإنتاجه وتعاليمه وتستقطب حضوراً من مختلف أنحاء العالم.
أربعون رباعية لمولانا جلال الدين الرومي