"مهنّا الدرّة.. موسيقار الفرشاة وفيلسوف اللون": سيرة التسعين

12 اغسطس 2019
(مهنّا الدرّة)
+ الخط -

يعدّ التشكيلي الأردني مهنّا الدرّة أحد الذين رسخّوا الفنون المعاصرة ممارسة وتعليماً في بلاده منذ خمسنيات القرن الماضي، وهو الذي تخرّج من "أكاديمية الفنون الجميلة" في روما عام 1955، وشارك مع مجايليه مثل رفيق اللحام وعلي الغول في تأسيس رابطة للتشكيليين عام 1977.

كما أنشأ "دائرة الثقافة والفنون" عام 1972، والتي تحوّلت إلى وزارة للثقافة في العقد اللاحق، وساهم أيضاً مع عدد من زملائه في تأسيس "معهد تدريب للفنون" تابع للوزارة الذي كان له دوره الكبير في تخريج فنانين في وقت لم يكن يدرّس فيه الفن في الجامعات الأردنية.

"مهنّا الدرّة.. موسيقار الفرشاة وفيلسوف اللون" عنوان الكتاب الذي سيصدر قريباً عن "هبة ناشرون وموزعون" في عمّان، للباحث والتشكيلي غازي انعيم في ثاني كتاب عن سلسلة "مكتبة الفنون التشكيلية"، حيث نُشر الإصدار الأول هذا العام بعنوان "رفيق اللحام.. رائد الفن الأردني المعاصر".

تعود المقدمة إلى سيرة الفنان الذي ولد في العاصمة الأردنية عام 1938 لوالد من أصل لبنانيّ هاجر هرباً من بطش الفرنسيين، وبعد عامين اتجهت عائلته إلى مدينة الكرك، حيث عمل والده مديراً لمدرستها الثّانويّـة، ليغادرها وهو في السادسة من عمره وفيه ذاكرته البصرية الأولى تفاصيل قلعتها التي تعود إلى عهد المؤابيين.

بعد ذلك ستشكّل عمّان ملاعب الصبا متجوّلاً قرب سيلها، والذي سيصفه لاحقاً بقوله "على الرّغم من كلّ شيءٍ، اتخذّت السّيل صديقاً لي، وقد لعب دوراً مركزيّاً في المراحل الأولى من حياتي ولغاية الآن؛ فما زلت أتذكّـر شفافية المكان، والأمواج الضّعيفة التي تتراقص كخيوط الفضّة، بانعكاساتها المختلفة، إذا ما سقط الضّوء عليها".

رسم الدرّة لوحته الأولى في سن الثامنة، بحسب الكتاب، وهي تلخّص أحلامه الملوّنة وفق رؤيته التي تأمّلها وتأثّر بها أشدّ التّأثير: كوخ، مزارعين، طاحونة هواء، حيوانات مختلفة، والسّـماء الملبّـدة بالغيوم والفضاءات، ثم في استوديو الفنان الروسي، الذي أقام في الأردن، سيتعلّم ما بين عامي 1948 و1950 الأصول الكلاسيكيّة في الرّسم والتّلوين.من أعمال مهنّا الدرّة

يعود انعيم إلى عام 1959 بعد تخرّج الدرة من إيطاليا، حيث سيقيم معرضه الأول، الذي تضمّن رسومات تمثذل مشاهد من مدينة عمان امتزج فيها، العالم الدّاخليّ للفنّان، بالمكان، وعن طريق إعادة صياغة المكان، عبّر عن عالمه التّجريديّ الخاصّ، ولكنّ التّجريد لم يبلغ درجة مطلقة في بعده عن الواقع، ولم يتحرر كليّاً من الموجودات، لأنَّ الفاعليّة اللونيّة كان مصدرها بيوت عمان.

يمرّ الكتاب عقد السيتينات الذي عمل فيه الدرة في السفارة الأردنية في روما، الني سيغلب عليه رسم الوجوه (البورتريه) التي اختزنتها ذاكرته من أيام الطّفولة واليفاعة، في الكرك وعمّان، وفي السبعينيات سيتناول موضوعات مختلفة مثل الرقص الشعبي الشركسي، وصولاً إلى مرحلة نهاية التسعينيات حيث لوحاته ستتحرّر من كلَ القيود.

سيقدّم الدرة بعد تقاعده من العمل الدبلوماسي لعشرين عاماً، وفق الكتاب، مجموعة من المحاضرات التّـشكيليّة والأفلام التّوثيقيّة المتخصصة في دارة الفنون، كما عمل محاضراً غير متفرغٍ في كلية الفنون والتصميم في "الجامعة الأردنيّة".

المساهمون