"مهرجان فينيسيا السينمائي 77": دورة القيود والتحدّيات

02 سبتمبر 2020
"ليدو" في 23 مايو 2020: إجراءات "كورونا" (سيمون بادوفاني/Getty)
+ الخط -

وسط قيود السفر، والارتداء الإلزامي للكمامات، واستخدام المُطهّرات، والمرور عبر أجهزة قياس الحرارة، وإجراء اختبار فيروس "كورونا" قبل الدخول إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، وغيرها، تنعقد الدورة الـ77 لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي" بين 2 و12 سبتمبر/أيلول 2020. تلك الدورة عصيبة، يمكن بسهولة أنْ يُطلق عليها اسم "دورة القيود والتحدّيات".

بسبب قيود السفر تلك، ومنع الطيران الدولي من أوروبا وإليها، وقيود التنقّل وإغلاق الحدود داخل القارة العجوز، سيكون المهرجان أكثر أوروبية، وإيطالي الصبغة جداً، مُقارنةً بدوليّته وانفتاحه السابقين. مُشكلة منع الطيران وإغلاق الحدود غير قاصرة على دول الأميركتين وآسيا فقط، بل على الدول الواقعة خارج الاتحاد الأوروبي (شنغن)، إذْ يتعيّن على المهنيين القادمين منها، الراغبين في حضور المهرجان، الخضوع لقواعد عدّة، أو "بروتوكول المهرجان" وفقاً للمكتب الصحافي، لدخول الاتحاد الأوروبي أولاً، ثم جزيرة "ليدو" ثانياً.

من بين تلك القواعد، ضرورة الخضوع لاختبار "بي. سي. آر." (اختبار فيروس "كورونا")، على أنْ يُجرى الاختبار قبل 3 أيام على دخول الاتحاد الأوروبي، شرط أنْ تكون النتيجة "سالبة". يُرفق هذا بنصّ الدعوة الرسمية من المهرجان لإبرازها على الحدود، بعد إرسال نسخة من نتيجة الاختبار إلى المهرجان، قبل بلوغ منطقة "شنغن". أما ضيوف المهرجان من خارج منطقة الاتحاد الأوروبي أو منطقة "يورو"، الذين سيمكثون 5 أيام أو أقلّ، فسيُطلب منهم إجراء مسحات أخرى، سيقوم المهرجان بترتيبها، وتغطية تكاليفها. ومن يمكث أكثر من 5 أيام، يخضع لاختبارٍ ثالث.

كما نبّه المهرجان ضيوفه إلى ضرورة التزام التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات، وتجنّب القيام بأنشطة سياحية، حتى ظهور نتائج الفحص، وفي حال كانت "موجبة" يُحجر المُصاب، ويُفحص مُخالطوه. لكنْ، أيّ حجر هذا؟ أيكون في مستشفى أو في مكان الإقامة؟ وإلى متى؟ وماذا عن مُخالطيه؟ أسئلة لم يجب عليها البروتوكول.

 

 

إلى ذلك، أعلن المهرجان وجود 9 بوابات، ليست نقاط تفتيش روتينية للحقائب كما في السابق، مع ماسحات ضوئية حرارية لقياس درجة حرارة الوافدين إلى ساحة المهرجان. ولن يُسمح لأيّ شخص تتجاوز درجة حرارته 37.5 بالدخول إلى الساحة، التي سيتقلّص عدد الحضور فيها إلى أدنى حدّ ممكن. وستُوضع ماسحات حرارية إضافية على أبواب الصالات، وسيتم توفير سوائل التعقيم والتطهير في كلّ مكان: مداخل الصالات، والصالات نفسها، ودورات المياه، ونقاط التجمّع، والمركز الصحافي. أعلن المهرجان تنظيف الأماكن هذه كلّها بانتظام، بالإضافة إلى تنظيف وتعقيم سيارات الأجرة والحافلات، البرّية والمائية. في الوقت نفسه، هناك تشديد على اتباع كافة إجراءات التعقيم والنظافة في مختلف الفنادق التي ستستقبل الضيوف.

ستُطبّق سياسة التباعد الاجتماعي بصرامة في كافة الفعاليات، مع إلغاء الحفلات الليلية المُعتادة، وسيُفرض ارتداء الكمامات، حتّى خارج الصالات، في حال عدم إمكانية تطبيق التباعد الاجتماعي، كما يحدث عادة في الصفوف الطويلة أمام صالات العرض، التي سيُقلَّل عدد مقاعدها، مع وضع علامات على الكراسي، تفيد بعدم جلوس أي شخص عليها. وستوزّع إشارات تفيد بالتباعد في قاعة المؤتمرات الصحافية والمركز الصحافي، بمسافة متر واحد من كلّ ناحية، والإشارات مطبوعة على الأرض ومُلصقة على الجدران. الأمر نفسه ينطبق على المسافة بين المُصوّرين والنجوم على السجادة الحمراء، وبينهم وبين بعضهم البعض، مع تقليل عددهم قدر الإمكان. ولن يُسمح للجمهور بالتواجد قرب السجادة الحمراء نهائياً، أو التقاط الصُوَر، أو الحصول على تواقيع النجوم، كما كان معتاداً.

الجديد أيضاً هذا العام، للوقاية من الإصابة بالعدوى وانتشارها بين روّاد المهرجان قدر المستطاع، ضرورة حجز تذاكر العروض على شبكة "إنترنت"، للجمهور (شراء) وللإعلاميين والسينمائيين بمختلف بطاقاتهم وألوانها ودرجاتها (مجاناً)، وذلك لمنع الازدحام أمام مراكز بيع التذاكر، ولتسهيل تتبّع روّاد المهرجان، ومعرفة أماكن تردّدهم، ومُخالطيهم. كما سيُقلّص عدد المطبوعات إلى حدّ أدنى، مع إتاحة المعلومات مجاناً عبر "إنترنت".

 

 

كلّ تلك القيود، واللاحق عليها في الأيام المقبلة ربما، تُعتبر بسيطة بالنسبة إلى مسؤولي المهرجان، بهدف إنجاز دورة جديدة ناجحة لأحد أكبر مهرجانات السينما العالمية، ولإعادة الجمهور مجدّداً إلى الصالات. لذا، لم يلتفت هؤلاء إلى ما يُثار بشأنها، كالارتداء الإلزامي للكمامات خارج الصالات وداخلها، بعد استقرار الرأي سابقاً على نزعها فيها. وإذْ اعتبر الإعلاميون أنّ هذا غير "كارثيّ" للجمهور، رأوا أنّه "كارثيّ" جداً لهم، فطبيعة عملهم لا تقتصر على وجودهم في الصالات لمُشاهدة الأفلام (مدّة كل فيلم تتراوح بين 90 دقيقة وساعتين)، ثم العودة إلى المنزل. فحضورهم في المهرجان يبدأ عند 8 صباحاً وينتهي نحو منتصف الليل أو بعده بقليل، بحسب البرنامج اليومي: مُشاهدات، يبلغ متوسّطها 3 أفلام يوميًا، ومتابعات ولقاءات. هذا لا يُقارن أبداً بحضور فرد واحد فيلماً أو فيلمين في الأسبوع. كذلك الالتزام بمقاعد معيّنة، وبكيفية تطبيق تلك القواعد بصرامة، والرهان على وعي الغالبية والتزامها. تذمّرٌ لم يقتصر على الإعلاميين، إذْ امتدّ مؤخّراً إلى العاملين في الصناعة أيضاً.

المساهمون