رغم أن بدايات فن الشارع في العالم العربي يمكن إرجاعها إلى ما قبل الاحتجاجات في عام 2011، إلا أنها شكّلت ظاهرة تستحق الدراسة بعد هذا التاريخ، مع التنويه إلى التباسيْن أساسيْن في استدخاله عربياً بسبب إصرار المؤسسة الرسمية على توجيهه، والخلط في مفهومه لدى المبدع والمتلقّى.
نشأ هذا الفن عالمياً كفعل احتجاج يومي ضد الهيمنة التي تمارسها السلطة على الفضاء العام للتحكّم به، بينما تريد السلطات العربية اليوم تحويله إلى فعل تزييني وتجميلي لهذه الفضاءات بعد السيطرة عليه، إضافة إلى ارتباطه أساساً بالغرافيتي ثم ألحق به فنون بصرية وسمعية حديثة لتحقيق غايته في التحريض، وليس كما يقدّم اليوم عربياً على شكل فعاليات لإمتاع مشاهدها.
في هذا السياق، تنطلق عند السادسة من مساء غدٍ الأربعاء فعاليات الدورة الثامنة من "مهرجان فنون الشارع" في مدينة قصر هلال (وسط تونس)، والتي تتواصل حتى الرابع من الشهر المقبل بتنظيم من "جمعية أبولون"، ووزارة الثقافة التي لم تدعم دوراته الأولى.
بموازاة الرعاية الرسمية لهذه التظاهرة، عرفت تونس تراجعاً كبيراً لهذا الأنماط الفنية للعديد من الفرق والفنانين الذين برزوا بعد الثورة، حيث جرى التضييق على بعضهم أو منعه من تقديم عروضه، واحتواء بعضهم الآخر عبر إشراكهم في المهرجانات الرئيسية في البلاد.
تحت شعار "شوارعنا تحب الفن"، يُفتتح المهرجان بكرنفال أبولون الذي ينطلق من أمام "مدرسة فرج الاميم" في المدينة نحو ساحة النافورة مروراً بشارع الحبيب بورقيبة، بمشاركة حوالي ستين شاباً من أعضاء الجمعية.
في اليوم التالي، تقدّم مجموعة "باباروني" عرضاً لفنون السيرك بعنوان "أمازونيا"، ويقام عند الثامنة من مساء الجمعة المقبل عرضاً موسيقياً بعنوان "من النوى" يؤدّيه الفنانان جهاد خميري ومحمد علي شبيل ويجمع بين المالوف التونسي، الموسيقى الأساسية والتقليدية التونسية وأنماط موسيقية اخرى عالمية.
من بين العروض المبرمجة: "صلام" لـ حمدي المجدوب، وحفل موسيقي لفنانة الجاز إيمان الخياطي، وحفلات أخرى لمجموعة "ميعاد باند" بقيادة الفنان حمزة العجلاني، و"مجموعة أحباء الشيخ إمام"، إلى جانب عرض مسرحي بعنوان "خدامة" من إخراج طلال أيوب، وعرض مجموعة من الأفلام التونسية.