العشرات من الفاعلين الثقافيين والموسيقيين والصحافيين وجدوا أنفسهم عالقين في مدينة وادان التاريخية شمال موريتانيا، التي قصدوها من مناطق مختلفة من البلاد، ومن خارجها أيضاً، للمشاركة في فعاليات الدورة السادسة من "مهرجان المدن القديمة"، والتي كان يُفترض أن تنطلق اليوم.
ظلّت الشائعات المتضاربة حول تنظيم أو تأجيل المهرجان سيّدة الموقف، قبل أن تعلن "وزارة الثقافة والصناعة التقليدية" تأجيل موعد الدورة، ما خلّف استياءً وسط الحاضرين الذين قطع بعضهم مسافة تزيد عن 700 كلم لحضور فعالياته.
بحسب بيان الوزارة فإن "التأجيل جاء نزولاً عند طلب تقدّم به عدد من أطر ووجهاء المدينة"، لكن البيان لم يتطرّق إلى أسباب القرار، وهل تتعلّق بالحداد الذي أُعلن إثر وفاة نجل الرئيس الموريتاني في حادث سير قبل أيام، كما لم يُعلن عن تاريخ آخر لتنظيم الدورة.
لم يحسم البيان شيئاً، بل إن أنباء تردّدت عن إلغاء المهرجان تماماً، وهو ما سيُعدّ - إذ تأكّد - خسارةً للمشهد الثقافي الموريتاني، لكون التظاهرة تحظى بمتابعة شعبية وإعلامية لافتة، خصوصاً بعد تصنيف المدن التي تحتضنها ضمن التراث المادي العالمي من قبل "اليونسكو"، كما تُعدّ مناسبة سياحية تستقطب أعداداً كبيرة من السيّاح الأجانب.
يقول الصحافي المختار بابتاح، الذي حضر إلى المدينة قبل ثلاثة أيام، في اتصال بـ "العربي الجديد" إن الأمر كان متوقّعاً بعد انتشار خبر وفاة أحمدو ولد عبد العزيز (24 عاماً)، مضيفاً أن "الجو الاحتفالي الذي شهدته المدينة خلال استقبال الوفود الفنية والإعلامية والثقافية تحوّل إلى جوّ يخيّم عليه الحزن".
"مهرجان المدن القديمة"، الذي يُنظّم منذ ستّ سنوات، هو واحد من أبرز المهرجانات الثقافية والسياحية في البلاد، ويمثّل صورة مصغّرة عن التنوّع الثقافي للمجتمع الموريتاني، ويهدف إلى تسليط الأضواء على مختلف جوانب التراث المادي وغير المادي للمدن القديمة (شنقيط ووادان وولاته ووتيشيت).
وكان من المقرر أن تستضيف الدورة المؤجّلة ثقافات سكّان ضفّة نهر السنغال، باعتبار أن أهم الحضارات في العالم القديم قامت على ضفاف الأنهار، ولأن المهرجان بات مناسبةً لتثمين التراث وفضاءً لالتقاء الموريتانيين من جميع الأطياف.
اقرأ أيضاً: موريتانيا.. تركة الاستعمار اللغوية