قبل أشهر عديدة، عندما أعلنت وزارة الثقافة المصرية عن اختيار المنتج والسيناريست محمد حفظي رئيسًا للدورة الـ40 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، عمّ التفاؤل الأوساط السينمائية المصرية لهذا الاختيار، لأسبابٍ مختلفة، أهمها أن حفظي قادم من داخل الصناعة، وله مسيرة إنتاجية ممتدة على عقدٍ ونصف عقد، راهن فيها ـ أكثر من مرة ـ على مخرجين جدد في أعمالهم الأولى، وبالتالي فإنه سيهتمّ بجعل المهرجان داعمًا حقيقيًا للسينما ولصنّاعها. مسيرته تلك وفّرت له علاقات واطلاعاً على المهرجانات الدولية، ما يجعله قادرًا على ضخّ أفكار ودماء جديدة في "مهرجان القاهرة السينمائي". أخيرًا، سيكون لديه طموح لخلق صلة ارتباط أكبر بين الجمهور والأفلام المعروضة في الدورة الـ40 تلك.
بعد مرور 5 أيام من الدورة نفسها، يمكن التأكيد أن التفاؤل كان في محله، وأن تلك الدورة مختلفة فعليًا، لأسباب متنوّعة:
أولاً: السينما والمدينة. كلّ مهرجان سينمائيّ يتكوّن من عناصر عديدة لتحديد مدى نجاحه، بعضها إعلامي ـ دعائي، وبعضها الآخر مرتبط بالنجوم والفاعليات. لكن السبب الفني الأساسي سيكون بالتأكيد الأفلام نفسها. علاقات محمد حفظي وخبرته أتخمت الدورة الـ40 بالأفلام، إذْ تضمّ مسابقاتها وبرامجها نحو 160 فيلمًا من أوروبا وأميركا وآسيا والدول العربية، موزّعة كلّها على 12 برنامجًا، كالمسابقة الرسمية و"سينما الغد" و"أسبوع النقاد" و"المخرجات العربيات" وغيرها، مع تنوّع كبير في طبيعة الأفلام نفسها، إلى فاعليات تكريمية مخصّصة بمصريين وأجانب. هناك أيضًا قسم "عروض خارج المسابقة"، الذي يضمّ أفلامًا منتجة عام 2018 وحصلت على تقدير مهرجانات دولية ونقّاد، أبرزها Roma لألفونسو كوارون، المتوّج بجائزة "الأسد الذهبي" في مهرجان فينيسيا 2018، وBlackkklansman لسبايك لي، الحائز على جائزة لجنة التحكيم الكبرى في "كانّ" الماضي، و24 فيلمًا آخر.
اقــرأ أيضاً
هذا تنوّع يُرضي شرائح أكبر من المُشاهدين. هنا، تبرز الميزة الثانية للدورة الـ40: الاهتمام بالمشاهدين، واعتبار أن "شعبية المهرجان بين أفراد المدينة هو الجزء الأهم من مقوّمات نجاحه"، كما قال حفظي في لقاء تلفزيوني في حفلة الافتتاح. وفي هذا الإطار، بذلت إدارة الدورة المذكورة ومسؤولوها جهدًا ملحوظًا في الاتفاق مع دور سينمائية في أماكن مختلفة في القاهرة لعرض أفلام المهرجان، وهي خطوة مهمّة وأساسية لإعادة "الشعبية الجماهيرية" إليه، هو الذي كان في عقديه الأولين، وصولاً إلى تسعينيات القرن الـ20 (برئاسة سعد الدين وهبة)، يحرص على عرض الأفلام في القاعات التي يرتادها الناس في وسط المدينة تحديدًا. لكن هذا تغيّر مع مرور الوقت، وصارت العروض محصورة في قاعات "دار الأوبرا" ومسارحها، ما يحمل شيئًا من "الحصار الثقافي" والشعور بالاستبعاد. الدورة هذه متحرّرة من ذلك، فإلى جانب عروض "دار الأوبرا"، هناك قاعتا عرض تابعتان لسينما "زاوية" (وسط المدينة)، و3 أخرى في أماكن متباعدة، ما رفع نسبة الحضور.
هناك أيضًا مسألة "دعم السينما العربية": كصانع أفلام، يدرك محمد حفظي جيداً المصاعب التي يواجهها السينمائيون. لذا، فإنّ جزءًا من جهود الدورة الـ40 يتعلق بلقاءات توفرها فاعلياتها المختلفة: قسم كامل مخصّص بذلك هو "أيام القاهرة لصناعة السينما"، فيه 3 أقسام رئيسية تهدف إلى خلق جسر بين سينمائيين وشركات عربية مختلفة، ويُشارك فيها 12 مشروعًا سينمائيًا.
و"ورش ومحاضرات" عن السينما والصناعة والتوزيع ومصاعب الإنتاج والنقد.
من الأفكار الجديدة التي اهتمت بها إدارة الدورة الـ40، هناك معرض في "دار الأوبرا" يضمّ عشرات الوثائق والصُوَر المتعلّقة بتاريخ المهرجان، والأفلام المعروضة في دوراته، والنجوم الذين مشوا على سجادته الحمراء. بالإضافة إلى فاعليات ذات طابع ترفيهي بحت، كعروض أفلام الـ"فيديو ريالتي"، كجزء من المستقبل المحتمل للسينما.
بناء على هذا كلّه، هذه دورة أولى ناجحة لمحمد حفظي، تؤكّد أن رهان التجديد والاعتماد على أفكار مغايرة يأتيان بثمارٍ جديدة. لكن الأهم كامنٌ في استمرار هذا لأعوام أخرى، مع مساحة أكبر من التطوير.
بعد مرور 5 أيام من الدورة نفسها، يمكن التأكيد أن التفاؤل كان في محله، وأن تلك الدورة مختلفة فعليًا، لأسباب متنوّعة:
أولاً: السينما والمدينة. كلّ مهرجان سينمائيّ يتكوّن من عناصر عديدة لتحديد مدى نجاحه، بعضها إعلامي ـ دعائي، وبعضها الآخر مرتبط بالنجوم والفاعليات. لكن السبب الفني الأساسي سيكون بالتأكيد الأفلام نفسها. علاقات محمد حفظي وخبرته أتخمت الدورة الـ40 بالأفلام، إذْ تضمّ مسابقاتها وبرامجها نحو 160 فيلمًا من أوروبا وأميركا وآسيا والدول العربية، موزّعة كلّها على 12 برنامجًا، كالمسابقة الرسمية و"سينما الغد" و"أسبوع النقاد" و"المخرجات العربيات" وغيرها، مع تنوّع كبير في طبيعة الأفلام نفسها، إلى فاعليات تكريمية مخصّصة بمصريين وأجانب. هناك أيضًا قسم "عروض خارج المسابقة"، الذي يضمّ أفلامًا منتجة عام 2018 وحصلت على تقدير مهرجانات دولية ونقّاد، أبرزها Roma لألفونسو كوارون، المتوّج بجائزة "الأسد الذهبي" في مهرجان فينيسيا 2018، وBlackkklansman لسبايك لي، الحائز على جائزة لجنة التحكيم الكبرى في "كانّ" الماضي، و24 فيلمًا آخر.
هذا تنوّع يُرضي شرائح أكبر من المُشاهدين. هنا، تبرز الميزة الثانية للدورة الـ40: الاهتمام بالمشاهدين، واعتبار أن "شعبية المهرجان بين أفراد المدينة هو الجزء الأهم من مقوّمات نجاحه"، كما قال حفظي في لقاء تلفزيوني في حفلة الافتتاح. وفي هذا الإطار، بذلت إدارة الدورة المذكورة ومسؤولوها جهدًا ملحوظًا في الاتفاق مع دور سينمائية في أماكن مختلفة في القاهرة لعرض أفلام المهرجان، وهي خطوة مهمّة وأساسية لإعادة "الشعبية الجماهيرية" إليه، هو الذي كان في عقديه الأولين، وصولاً إلى تسعينيات القرن الـ20 (برئاسة سعد الدين وهبة)، يحرص على عرض الأفلام في القاعات التي يرتادها الناس في وسط المدينة تحديدًا. لكن هذا تغيّر مع مرور الوقت، وصارت العروض محصورة في قاعات "دار الأوبرا" ومسارحها، ما يحمل شيئًا من "الحصار الثقافي" والشعور بالاستبعاد. الدورة هذه متحرّرة من ذلك، فإلى جانب عروض "دار الأوبرا"، هناك قاعتا عرض تابعتان لسينما "زاوية" (وسط المدينة)، و3 أخرى في أماكن متباعدة، ما رفع نسبة الحضور.
هناك أيضًا مسألة "دعم السينما العربية": كصانع أفلام، يدرك محمد حفظي جيداً المصاعب التي يواجهها السينمائيون. لذا، فإنّ جزءًا من جهود الدورة الـ40 يتعلق بلقاءات توفرها فاعلياتها المختلفة: قسم كامل مخصّص بذلك هو "أيام القاهرة لصناعة السينما"، فيه 3 أقسام رئيسية تهدف إلى خلق جسر بين سينمائيين وشركات عربية مختلفة، ويُشارك فيها 12 مشروعًا سينمائيًا.
و"ورش ومحاضرات" عن السينما والصناعة والتوزيع ومصاعب الإنتاج والنقد.
من الأفكار الجديدة التي اهتمت بها إدارة الدورة الـ40، هناك معرض في "دار الأوبرا" يضمّ عشرات الوثائق والصُوَر المتعلّقة بتاريخ المهرجان، والأفلام المعروضة في دوراته، والنجوم الذين مشوا على سجادته الحمراء. بالإضافة إلى فاعليات ذات طابع ترفيهي بحت، كعروض أفلام الـ"فيديو ريالتي"، كجزء من المستقبل المحتمل للسينما.
بناء على هذا كلّه، هذه دورة أولى ناجحة لمحمد حفظي، تؤكّد أن رهان التجديد والاعتماد على أفكار مغايرة يأتيان بثمارٍ جديدة. لكن الأهم كامنٌ في استمرار هذا لأعوام أخرى، مع مساحة أكبر من التطوير.