"من حيث يبدأ التاريخ" عنوان التظاهرة التي تقام حالياً في غاليري "فويد" في مدينة ديري بأيرلندا الشمالية وتتواصل حتى 16 من الشهري الجاري، بمشاركة فنانين عرب وأجانب.
الأعمال المعروضة تتناول العلاقة المعقدة بين الثقافة المادية والحقيقة التاريخية، فوفقاً لبيان القائمين على التظاهرة "المعرض يسائل الكيفية التي يجري من خلالها تأسيس سرديات تاريخية، وبناء التاريخ خلال المشروع الكولونيالي وفي ظل سياقات أيديولوجية محددة، كما تتناول الأعمال غياب الحقيقة التاريخية الواحدة".
برنامج التظاهرة يتضمن عدة عروض لأعمال وتجهيزات وفن فيديو وأفلام وندوات، من بينها فيلم "ذاكرة انعكاسية" للفنان الجزائري قادر عطية، الذي يستخدم فيه أرشيفاً متحفياً يعود إلى الحقبة الكولونيالية في أفريقيا، وفيه مقابلات وعرض صور وتجهيزات في غرفة سوداء، الهدف من عرضها بهذه الطريقة تجسيد العنف الكولونيالي والفوضى التي حدثت في محاولة لإصلاح الخراب الذي تركه هذا العنف في أفريقيا.
الفنان اللبناني علي شري، حضر أيضاً من خلال عمله "متحجّرون" وهو تجهيز فيديو من 12 دقيقة، يواصل فيه الفنان انهماكه الأساسي بالأركيولوجيا، باعتبارها علماً ظهر بعد الاستعمار، وقد جرى تصويره في مواقع أثرية في صحراء الإمارات والسودان، ويناقش الكيفية التي تصنع فيها هذه المواقع سرديات وطنية متخيّلة.
ضمن الأعمال اللافتة أيضاً في المعرض، تجهيز "مزيفون حقيقيون" للفنان القبرصي كريستودولوس بانايوتو، والذي يختبر من خلاله مفهوم الأصالة، وما الذي يدخل مع الوقت في المعجم التاريخي، وماذا يسقط من هذا المعجم ولماذا؟ يتكون التجهيز من الحجارة التي تم التخلص منها خلال الحفريات الأثرية في قبرص، والمنحوتات التي تتشكل خلال عملية الدمار والردم. ففي إطار الحفر والتنقيب هناك فعل الكشف يقابله الاختباء والاختفاء، كما يجري في كثير من الأحيان كشف مواقع وتغطية أخرى.
إلى جانب هذه العروض والأعمال المعاصرة، تعيد التظاهرة عرض فيلم "التماثيل تموت أيضاً" (1953)، للفنانين آلان ريسينياس وكريس ميكر، الذي يحلل التلقي الأوروبي للفن الأفريقي في الحقبة الكولونيالية، والعملية التي جرى من خلالها تحويل التماثيل والأقنعة التاريخية إلى بضائع تجارية.
وفي 13 من الشهر الجاري تقام محاضرة بعنوان "الأركيولوجيا والمتاعب" يلقيها الآثاريُّ برايان لاسي، والذي يناقش تجربته في بعثات التنقيب وعلاقة التاريخ السياسي الجدلي بعمل هذه البعثات.