ضمن الاستعادات التي تُقام مؤخراً لعدد من الفنانين المصريين الذين بدؤوا تجاربهم منذ مطلع القرن العشرين، لا يحضر العمل الفني لوحده؛ حيث تجري الإضاءة على تجارب لم تحظ بكثير اهتمام لدى النقّاد، والتي من شأن بعضها أن تقدّم صورة أوضح وأشمل عن تاريخ الفن المعاصر في مصر.
"مناظرة فنية" عنوان المعرض الذي افتتح مساء أمس الثلاثاء في "غاليري خان المغربي" في القاهرة، للراحليْن الفنان عبد الله جوهر (1916 - 2006)، والنحّات عبد الفتاح العزازي (1934 - 1993)، ويتواصل حتى الرابع عشر من الشهر الجاري.
التحق جوهر بـ"مدرسة الفنون الجميلة العليا" وتخرّج ضمن أول دفعة تتخصّص في الحفر، ثم واصل دراسته في العاصمة المصرية في "المعهد العالي للتربية الفنية"، ومنه سافر إلى إيطاليا حيث أكمل دراساته العليا عام 1949.
شكّل تعليمه الأكاديمي أساس تجربته، حيث بدأ برسم الطبيعة الصامتة وتنفيذها بواسطة تقنية الحفر الحمضي، ومعالجة تشتت الظل والنور وتوزيعه في اللوحة، متأثراً بشكل كبير بالمدرسة الهولندية؛ حيث تلعب تدرّجات الضوء دوراً في تجسيد عناصر اللوحة بإبراز تفاصيل معينة وإخفاء أخرى.
في مرحلة لاحقة، أنتج جوهر أعمالاً تعبيرية باستخدام تقنية الحفر الغائر وكانت مضامينها حول الحربة والوطن والقضية الفلسطينية، من خلال الاشتغال على اللون الأسود بدرجاته المختلفة من أجل أن يعكس معنى الصراع وما يحيط به من غموض وعنف، والخروج منه بمساحة أمل.
أمّا العزازي، فحاز ماجستير الفنون التطبيقية في القاهرة عام 1971، ودكتوراه من "أكاديمية الفنون الجميلة" من "جامعة مدريد" في إسبانيا سنة 1977، وقدّم بعدها تجارب متنوّعة منها أعمالاً زخرفية وتصاميم في مجال الدعاية والإعلان، إلى جانب مساهمته في أعمال الترميم وإعادة تأهيل عدد من المباني في القاهرة.
كما اشتغل الراحل على أعمال نحتية تعبّر عن الطحالب والأعشاب في قاع البحر بزوائدها غير المنتظمة وغير المدبّبة والسابحة دون خضوع لقوانين الجاذبية الأرضية، ومنحوتات أخرى من تشكيلات بلاستكية.