"مليبول قطر 2014": كل هذا السلاح للأمن... ولأغراض أخرى

الدوحة
معن البياري
معن البياري
رئيس تحرير "العربي الجديد"، كاتب وصحفي من الأردن، مواليد 1965.
22 أكتوبر 2014
622B1F2D-7670-40D5-8EA7-18322A52F698
+ الخط -

أن تتجول في الساحة المغطاة الواسعة لمركز الدوحة للمعارض، وترى أنواعاً وأصنافاً من الأسلحة والمسدسات والعربات المدرعة والسيارات المصفّحة والمناظير والشاشات والرادارات وأجهزة الفحص والمراقبة والتفتيش والتصوير والهراوات و"الكلبشات"، والعصي السوداء بمقابض مريحة، واللوحات الزجاجية والألبسة والأقنعة والطواقي والدروع الواقية، ومنتجات أخرى لا تعرف أسماء لها، يخبرك رجل دمث يقف إلى جانبها، أنها تساعد في مكافحة الإرهاب الكيماوي والبيوكيماوي. أن تتجول بين هذا كله، وغيره كثير، وتسمع شرحاً عن بعضه، فإن سؤالاً سيطرأ على بالك، عمّا يمكن أن يكون عليه العالم، لو غاب الشر وصار منعدماً. كم من الوظائف ستزول، وكم من الصناعات ستتوقف، هل سيكون هناك ما يدعو إلى وجود الشرطة، مثلاً، إذا تاب كل اللصوص والسارقين والمعتدين والقاتلين ومروجي المخدرات وأمثالهم. إذا رأت البشرية أنه لا مدعاة لأي نزاعاتٍ بشأن أي شيء، فلا تكون الحروب خياراتٍ مطروحة، لا للتفكير بها، ولا للأخذ بها في الميادين والجبهات.

للمعرض العالمي الذي يُيسّر لزواره هذه الفرجة اسم لا تشيعه الصحافة، وتكاد لا تكترث به، هو "معرض الأمن والسلامة"، فالمعروضات التي تأتي بها الشركات المنتِجة من دول عديدة إنما لسلامة الإنسان والحفاظ على أمنه، ولإنقاذه من مخاطر الحريق والغرق، ولنجاته عند الطوارئ غير المتوقعة، في حالات اشتباكات مسلّحة أو اعتداءات أو عمليات خطف. أما الاسم الأشهر فهو معرض "مليبول قطر"، وينتظم كل عامين، ودورته التي افتُتحت الإثنين، وتُختتم اليوم الأربعاء، هي العاشرة. وتنظّمه وزارة الداخلية القطرية وشركة "كوميكسبوزيوم" الفرنسية، وتشارك فيه هذا العام 244 شركة من 37 دولة، بزيادة نحو 7 في المائة عن المعرض السابق. ويشهد، في العادة، توقيع اتفاقيات ثنائية، وإبرام عقود غير قليلة، بين مؤسسات وشركات وهيئات عسكرية وأمنية وشرطة.

يشرح ممثل لشركة "سيزكا بروفكا" التشيكية عن مسدسٍ جديد، ذي قدرات عالية، صنّعته الشركة. تتفحصه، وتبدي إعجابك به، وأنت الذي لم يحدث في حياتك أن أطلقت أي رصاصة من أي مسدس، (أطلقت رصاصاً في التدريب في الخدمة العسكرية الإلزامية). يقول لك إنه تم تحسين معايير الراحة.

وفي مكان آخر، يشرح لك شاب قطري عن سيارة المرسيدس المصفحة الحديثة، ويمازحك إن كنت ترغب بشراء واحدة، بعد أن يبلغك بسعرها. وتقرأ في نشرةٍ تطالعها في المعرض أن شركة "ميهلر لو إنفورسمنت"، المتخصصة في تصنيع الدروع الواقية ومعدات مكافحة الشغب لقوات الشرطة الأوروبية والشركات الأمنية والعسكرية، تسعى، من مشاركتها الأولى في "مليبول قطر"، إلى "الفوز بمزيد من الأعمال في المنطقة" العربية.
تقرأ ذلك، فيطرأ إلى بالك ما إذا كانت بلادنا العربية في حاجة إلى مزيد من "الكلبشات" والهراوات، إذا صحّ أن مزيداً من "الشغب" سيستجد فيها.

زوارق للبحار وطائرات للجو ومدرعات للميادين والشوارع والصحارى، كلها تجدها في المعرض، أو تشاهد صوراً لها وعروضاً على شاشات واسعة.

وإلى جانب ما توحي به معداتٌ وأجهزة، صغيرة وكبيرة، يعرف أسماءها العاملون في الشرطة والبحث الجنائي، من غلظةٍ وخشونة، فإن ما يغمرك به رجال الشرطة القطريون في أجنحة غير قليلة، وكذلك مندوبو شركات المسدسات والبنادق ومناظير المراقبة (والتجسس)، من لطف وسماحة ووداعة، يُشعرك بوجوب أن تتخفّف من النفور التقليدي الذي فيك من رجال الأمن والعسكر، ولا سيما أن أنظمةً لأمانك وسلامتك، في ركوبك الطائرات مسافراً، أو سائحاً في شواطئ، أو متنقلاً في حافلات وسيارات، هي الأكثر حضوراً في هذا المعرض العالمي، والذي يسعفك بجرعةٍ من الثقافة الأمنية، صار لها بعض اللزوم، بسبب غزارة أخبار القتل والخطف والاعتداء في غير مكان.

ترى خرائط إلكترونية حديثة جداً، ويشرح لك عسكري عن طائرة استطلاع يتم التحكم فيها لالتقاط صور مطلوبة في حالات معينة، وليس مأذوناً أن يمتلك الأفراد مثل هذه الطائرات التي يدهشك صغرها وبساطة تصنيعها.

كل هذه التكنولوجيات المتسارعة في أنظمة الأمن والسلامة، وفي وسائل الضبط والربط أيضاً، لا نظنها تؤدي إلى أهدافها الإنسانية المتوخاة، إذا استغلتها أجهزة ومؤسسات ترى السلطة وسيلةً للعسف والتجبر والقهر والتسلط، والتحكّم في مصائر الناس وعيشهم. تطرأ إلى بالك هذه البديهية، بعد ساعتين من جولة بهيجة في مركز الدوحة للمعارض، والتفرج على معروضات "قطر مليبول 2014". تغادر وفي بالك زوبعة من أفكار لا تتوقف.

ذات صلة

الصورة
مواجهات خلال تظاهرة في كينيا /  25-6- 2024 (سيمون ماينا/ فرانس برس)

سياسة

قُتل ما لا يقلّ عن 13 شخصًا الثلاثاء في كينيا خلال تظاهرات مناهضة للحكومة. وقال رئيس الجمعية الطبية الكينية سايمن كيغوندو إن هذا العدد ليس نهائيًا.
الصورة
أصيب حسن وأحمد في قطاع غزة (حسين بيضون)

مجتمع

قلما ينجو فلسطيني في غزة من صواريخ مسيّرات الاحتلال التي يطلق عليها محلياً اسم "الزنانة"، وكان من بين ضحاياها الشابان حسن أبو ظاهر وأحمد بشير جبر.
الصورة
المنتدى السنوي لفلسطين- اليوم الثالث (العربي الجديد)

سياسة

أكد باحثون، اليوم الاثنين، أهمية "المنتدى السنوي لفلسطين" باعتباره "رافعة مهمّة للبحث العلمي حول فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها.
الصورة
إجراءات أمنية مشددة لحماية منتخب الجزائر في ساحل العاج

رياضة

تسعى ساحل العاج إلى إنجاح تنظيم بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم، التي تستمر حتى الـ11 من شهر فبراير/شباط القادم، حيث يعمل رجال الأمن على حماية البعثات الرسمية.

المساهمون