يقول أبو عبد الله، (64 عاما)، وهو أحد رجال الشرطة والذي كان في دورية مرابطة قريبة من الملجأ لحظة استهدافه، لـ"العربي الجديد": "كنّا في دوريتنا القريبة من الملجأ لحظة قصفه، تحركنا باتجاهه ووصلنا إليه بعد دقائق قليلة"، مضيفا "كانت لحظات مروعة جدا، لم نشاهد مثلها من قبل، وصلنا وإذا بالنار تستعر داخل الملجأ، وباشرنا بعمليات الإطفاء، بينما عجزت فرق الإنقاذ عن انتشال أحد، إذ إنّ أبواب الملجأ لم تفتح، وقد احترق كل من فيه".
ويتابع: "بعد دقائق وصلت دوريات الشرطة والإطفاء والدفاع المدني بأعداد كبيرة، للسيطرة على الموقف. كانت لحظات لا تنسى. لقد اختلطت الأشلاء بأنقاض الملجأ، ولم نستوعب الموقف. كنا نتراكض يمينا ويسارا ولم نستطع فعل شيء".
ويكمل وكأنه إزاء صورة عصية على النسيان: "أصوات الصراخ من المنازل القريبة ما زالت تضجّ في مسامعي وكأنها اللحظة. كان الموقف أشبه بفيلم رعب، ونحن نتراكض يمنة ويسرة، حتى استطاع رجال الدفاع المدني تكسير الأبواب ودخول الملجأ، لكن بعد فوات الأوان، فقد كان المشهد في الداخل لا يوصف".
ويشير إلى أنّ "الداخل كان قطعة من السواد، بسبب الدخان، وقد اختلطت الدماء والأشلاء، مع الأنقاض"، مضيفاً "بدأنا بانتشال الجثث، أو ما بقي من أجزاء منها، بينما الكثير من الجثث احترقت ولم يبق منها سوى الرماد".
من جهته، يؤكد الحاج فخري الكبيسي، وهو أحد أهالي منطقة العامرية، أنّ "الحادث دليل على إجرام ووحشية أميركا، والتي لم يسلم من إجرامها حتى الأطفال الرضع". ويقول لـ"العربي الجديد": "لم يكن استهداف ملجأ العامرية مجرد حادث عابر، فقد نقش في ذاكرة العراقيين جرحا لن يندمل، إذ إنّ مشاهد الملجأ واحتراقه واحتراق الجثث والأطفال في داخله، تسببت بحالة رعب لن تنسى أبدا".
وييشير إلى أن "الكثير من الأهالي أقاموا قبورا رمزية لأبنائهم، الذين لم يعثروا على أشلائهم، وهم في كل عام يذهبون إلى تلك القبور ويستذكرون أبناءهم"، ويضيف "لا أتصور أن يكون في العالم كله دولة أبشع من أميركا، فهي التي تقتل الطفولة وتدعم الإجرام والمجرمين، وترعى الإرهاب في العالم، وملجأ العامرية دليل على إرهابها الذي لا ينسى".
وكانت طائرتان أميركيتان، خلال حرب الخليج الثانية، قد قصفتا الملجأ بصاروخين ذكيين، وقد تسبب القصف بقتل 408 مدنيين، لم يعثر على جثث أغلبهم. وبررت الولايات المتحدة الأميركية الهجوم حينها، بأنّه استهدف مراكز قيادية في العراق.