بعد أن اكتملت أجزاؤه على مدى السنوات الأربع الماضية، باتت "دار السودانية للكتب" تحتضن أكبر معجم جامع للأمثال في الوطن العربي، إذ يتضمّن 14198 مثلاً، فيما أن معدّل المعاجم السابقة كان في حدود العشرة آلاف. ربما يكون السودان قد استفاد من عوامل عدة ليحتوي كل هذا الكم من الأمثال، عوامل جغرافية بالأساس، كمساحته، وكونه فضاء تختلط فيه الثقافتان العربية والأفريقية.
يعكس المعجم الذي أنجزه الباحث السوداني سمير محمد عبيد نقد (1963)، المقيم في البحرين حيث يدرّس في جامعاتها، ثراء الثراث اللامادي في السودان، وتنوّع روافده الثقافية. وقد اكتمل العمل بإنجاز نقد لمقدمة تعرّف بالأمثال الشعبية في السودان وخلفياتها، وكذلك بالاستراتيجية التي اتبعها في جمعها.
يقدّم العمل، إضافة إلى الأمثال، شرحاً تفصيلياً لها، سواء بتفسير مفرداتها أو تبيان سياقاتها؛ حيث أن معظمها مجتزأ من قصص شعبية. من جهة أخرى، يضع نقد الأمثال التي جمعها في مقارنات مع بعضها بعضها، مبيّناً الفروقات التي تطرأ على الأمثال من بيئة إلى أخرى، خصوصاً لدى انتقالها من الأرياف إلى المدن بفعل النزوح الطوعي أو القسري، وكذلك بفعل تغيرات الوسط الديني أو الطبقي.
المعجم جرى طبعه في ستة أجزاء، وقد أشرفت على إنجازه "هيئة الخرطوم للصحافة والنشر"، وكان أول مجلد منه قد ظهر في 2014، علماً أنه العمل المنشور الثاني لنقد بعد عمله البيوغرافي "غلام الله بن عابد وأثاره في السودان" (2007).
يشتغل نقد أيضاً على دراسة الأنساب في السودان، ولعل هذا المشغل قد ساعده كثيراً في تقصّي أخبار الأمثال التي جمعها في معجمه. إضافة إلى ذلك، حاول نقد أن يبرز تقاطعات مفردات اللغة العربية الفصحى بالأمثال المستعملة في السودان، كما يقدّم للقارئ أمثالاً من التراث العربي القديم، أو من الأمثال المتداولة في بقية البلاد العربية اليوم، تقابل أو تكاد الأمثال السودانية.
اقرأ أيضاً: راشد دياب: تلويحة الجنوبيات