"مسحراتي البيرة"... فرقة شبابية توقظ الأهالي للسحور

30 مايو 2019
شباب يعيدون الحياة للمسحراتي (فيسبوك)
+ الخط -

عند الثالثة فجرا، يخرج ضياء عابد (22 عاما) من منزله في حي الهاشمية في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، ليلتقي بستة من أصدقائه في فرقة مسحراتي، يرتدون لباسهم الخاص الذي يحتفظ به أحدهم داخل منزله، ثم ينطلقون في الشوارع، يسيرون بشكل أفقي، ليرددوا كلمات ذات قوافٍ وأناشيد دينية حتى قبيل أذان الفجر، من أجل إيقاظ الأهالي لتناول وجبة السحور.

فكرة المسحراتية الشباب بدأت قبل عامين، إذ حث عدد من الأصدقاء بعضهم على خوض التجربة. في البداية لم تكن هناك فرقة، غير أن تشجيع الأهالي وسؤالهم عن سبب عدم استمرارهم في الخروج حفزهم على تشكيل الفرقة، يوضح ضياء عابد لـ"العربي الجديد".

أما زميله محمد قوار الذي يماثل عابد في العمر، فيشدد، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن نشاطهم في فرقة كشفية هي مجموعة كشافة مدينة البيرة الأولى، كان أحد الأسباب المساعدة لتفاعل الشبان الستة مع الفكرة، واستمرارها، فأحدهم يستخدم الطبل الخاص بالكشافة. أما محمد فيقوم بترديد كلمات المسحراتي بصوت منخفض، ليعيدها زملاؤه بصوت جهوري وبشكل جماعي.

منذ بداية رمضان الحالي، أصبحت تشكيلتهم أشبه بالفرقة المنظمة، بعد أن تبرع أحد أبناء المدينة بلباس خاص، يقول عابد إنه "أشبه باللباس الشامي التراثي، لتصبح المجموعة الآن تحت اسم (مسحراتي مدينة البيرة)".

أعضاء الفرقة من مهن مختلفة، فمنهم الموظف ومن يعمل في أعمال حرة، جمعهم هدف إعادة الأجواء التراثية إلى مدينتهم، إذ إن همهم الآن الحفاظ على أجواء الشهر الفضيل المعروفة منذ القدم، والتي أخذت تتلاشى شيئا فشيئا من المدن، ولا بهجة كما في السابق. إذ يوضح قوار أن "هذه المجموعة أرادت إعادة جزء من الماضي إلى مدينتهم، نحن نعلم أن معظم الناس لا ينامون قبل السحور، والكل لديهم أدواتهم الحديثة كالهواتف والساعات المنبهة ليستيقظوا، ولكن فكرتنا أن نعيد التراث، وأن نخلق جوا مختلفا لرمضان".

وما يدلل عليه أفراد الفرقة لدعم وجهة نظرهم تلك، ما ذكره ضياء من انتظار الناس على نوافذ منازلهم وقيامهم بالتصوير، وحتى انتظار الأطفال الصغار والتقاط الصور لهم، فضلا عن احتجاج سكان الأحياء التي لا يصلون إليها، ليقرروا تغيير الحي الذي يزورونه في كل ليلة، استجابة لطلب الأهالي.

إعادة الأجواء التراثية لمدينتهم (فيسبوك)

ولا يخلو الأمر من تعليقات سلبية أحيانا، على اعتبار أن المسحراتي لم يعد حاجة ملحة للناس، ولكن الترحاب أكبر من تلك الاعتراضات، كما يؤكد أعضاء الفرقة.

أما الموشحات والأناشيد فليست اعتباطية كما يؤكدون، فهم يحرصون على جمعها من التراث الفلسطيني والشامي، مستعينين بالكتب والإنترنت وكذلك بعض المسلسلات التي تحاكي البيئة الشامية.



فجراً تخترق هتافات مسحراتية البيرة هدوء الأحياء، ويعلو صوت المسحراتي "يا نايم وحد الدايم"، "هذا رمضان يزوركم قوموا على سحوركم"، "لا إله إلا الله"، "هو المنتقم الجبار، هو الرزاق الوهاب"، "يا سامعين ذكر النبي عالمصطفى صلوا"، "لولا النبي لا انبنى جامع ولا صلوا"، "قوموا يلي ما بتدومدوا قوموا على سحوركم قوموا"، "يا نايم سبح بحمد الله، لا إله الا الله".

وبعد التفاعل وتحفيز الناس لهم، أنشأ الشبان صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشرون من خلالها جولاتهم في مدينة البيرة، وزياراتهم إلى معالمها، على شكل صور وفيديوهات أثناء السحور.