"مركز بن باديس": عبثٌ بالتاريخ ورموزه

16 اغسطس 2017
(المبنى)
+ الخط -

ليست المرة الأولى التي يُنتقد خلالها تعامل المؤسسة الرسمية في الجزائر مع الرموز التاريخية، ومنها عبد الحميد بن باديس (1889 -1940)، مؤسّس "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، حيث أزيل تمثاله الذي شيّد ضمن فعاليات "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" عام 2011 بعد رأى كثير منهم أنه لا يطابق صورته الشخصية.

منذ أيام، خرجت اعتراضات عديدة على تشويه "المركز الثقافي عبد الحميد بن باديس" في قسنطينة نفسها، حيث تمّ طلاء المعمار الحجري الذي يعود بناؤه إلى أكثر من ثمانين عاماً، بلون أخضر غيّر معالمه وشكله.

وطالب الأكاديمي عميروش نذير، رئيس لجنة الثقافة في المجلس الشعبي للولاية على صفحته في فيسبوك، بالتدخل الفوري والعاجل لوقف ما أسماه "مهزلة طلاء الواجهة الحجرية لبناية المركز وإعادتها إلى حالتها الأصلية باعتبارها من التراث المادي الواجب المحافظة عليه وفقاً لما تقتضيه أصول الترميمات والإصلاحات المنصوص عليها قانوناً وتنظيماً".

المبنى الذي لا يزال كثيرون يطلقون عليه "كلية الشعب" جرى تأسييه عام 1932، وهو يقع في وسط المدينة خلف مركز البريد و"المسرح الجهوي"، واحتضن أوّل جامعة شعبية سنة 1906، قبل أن تنتقل منه إلى موقع آخر، وتزيد مساحة المركز على 10 آلاف متر مربع، وهو يضمّ ثلاث أجنحة، تحتوي قاعة العروض الرئيسية والإدارة، و"المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي"، وقسم تابع لإدارة الحماية المدنية.

شكّل المكان ملتقى للمفكرين الجزائريين وأعضاء "جمعية العلماء المسلمين"، تحت إشراف ابن باديس نفسه، الذي كان له مكتب خاص في داخله، لا تزال توجد فيه إلى اليوم صور للإمام الإصلاحي برفقة العديد من رجال الدين في ثلاثينيات القرن الماضي.

تحوّل المعلم مع الوقت إلى نقطة جذب للمثقفين القسنطينيين، حيث أقيمت فيه عروض مسرحية عدّة، كما كان يجتمع فيه الموسيقيين الذي نظّموا عروضهم أيضاً، حيث شهد في السبعينيات حفلات لكلّ من محمد الطاهر الفرقاني وبن طوبال ومحمد العنقة، قبل أن يغلق لفترة من الزمن.

منذ عام 2003، أعيد فتح المركز ليكون معهداً لتعلّم الموسيقى، وخضعت واجهته وجدرانه لعمليات ترميم عديدة بعد أن كان مهدّداً بالانهيار، ويبدو أنه أُنقذ من الزوال لكن لم ينج من التشويه.

المساهمون