شهد عام 1959، آخر موسم غوص في تاريخ الكويت الحديث، تلك المهنة التي كانت نمط حياة وليس مجرّد عمل، لها طقوسها ولباسها وغناؤها وأمكنتها وسحرها أيضاً. بدأت بعدها الحياة تأخذ طريقاً آخر مع ظهور النفط، وبدا كما لو أن البحر يبتعد.
ضمن هذا الشعور، قرّر الشاعر والإذاعي الراحل محمد الفايز أن يمسك بآخر خيوط شباك تلك الحياة، وأن يرويها تحت عنوان "مذكّرات بحار"، عام 1962، سمعها الكويتيون على شكل حلقات إذاعية، أصدرها أول مرة في كتاب تحت اسم "سيزيف".
وفي عام 1979، أنتج تلفزيون الكويت العمل ليصبح أوبريت من إخراج محمد السنعوسي، وألحان غنام الديكان، وأصبح الأوبريت جزءاً من الذاكرة الجمعية للبلاد، والذي يروي حياة الإنسان الكويتي قبل النفط وبعده.
يعيد "مركز جابر الأحمد الثقافي" في الكويت العاصمة، الحياة لهذا الأوبريت، حيث تقدّم عروضه بنسخة وتصوّر جديدين أيام 24 و27 و29 نيسان/ أبريل الجاري، و2 أيار/ مايو المقبل.
يختتم المركز عروض موسمه الثاني "جسور ثقافية" بهذا الإنتاج الضخم للمسرحية الغنائية، وقد صاغ رؤيتها الجديدة الروائي سعود السنعوسي، وأخرجها للمسرح تاما ماثيسون، أما الأدوار في العمل فيؤديها كل من زهرة الخرجي وخالد العجيري وخليفة العميري وحنين العلي وبدر نوري وولاء الصراف وزينة الصفار وشهد سليمان ومساعد التتان.
تبدأ قصيدة الفايز بالحديث عن الأرض الجديدة، والحنين إلى الأرض المتعلقة بالبحر، يقول "أوّاهُ يا أرضَ الحرائقِ والسّمومْ/ البحرُ أحنى من ضِفافِكِ، والشراعْ/ أذرى إليَّ من الصنوبرِ يا بحارْ/ الملحُ فيكِ ألذُّ من عِنبِ الدوالي في المدينةْ/ فخُذي شراعي يا رياحُ، خُذي السفينةْ/ سأعيدُ للدُّنيا حديثَ "السندبادْ"/ ماذا يكونُ السندبادْ؟".
ويقول أيضاً "ماذا يكونُ السّندبادْ؟/ شتّانَ بينَ خيالِ مجنونٍ وعملاقٍ تراهْ/ يطويْ البحارَ على هواهْ/ بحبالِهِ.. بشراعِهِ/ بإرادةٍ فوقَ الغيومْ/ بيدٍ تكادُ عُرُوقُها الزرقاءُ ترتُجِلُ النجومْ".