على أرض خلاء بالقرب من مخيمات اللاجئين، تُنصب خيم مدارس تؤمّن كل واحدة التعليم لألفَي طفل سوري عبر أجهزة لوحية
عندما يغيب الوطن ويحلّ اللجوء محلّه ويخيّم الماضي بصعوباته وتحدياته على الحاضر والمستقبل، يُعاد ترتيب أولويات الحياة. فيحلّ الطعام والشراب في المقام الأول، ويتبعه المسكن ومن ثم الأمن والصحة ليحلّ التعليم في مرتبة متأخرة. هكذا اضطر ملايين اللاجئين السوريين حول العالم إلى إعادة ترتيب أولوياتهم.
ومن منطلق أن "التعليم هو نافذتهم لمستقبل يضمن لهم وظيفة أو هجرة أو حياة مختلفة"، كانت مبادرة على شكل برنامج مبتكر للتعليم الإلكتروني لأطفال اللاجئين السوريين في لبنان، بهدف توفير بيئة تعليمية إلكترونية آمنة ومناسبة لحياة اللاجئين حيثما كانوا على الرغم من كل الظروف. وللاطلاع على البرنامج الذي أطلقته إحدى الشركات التي توفّر حلول التعليم التكنولوجية وتلبي احتياجات مؤسسات التعليم الابتدائي والثانوي حول العالم، كان لـ"العربي الجديد" حديث مع رئيسها التنفيذي، حاتم سلام. فقدّم شرحاً مفصلاً للبرنامج وأرقاماً شديدة الدلالة على أوضاع الأطفال السوريين اللاجئين حول العالم.
تشير الأرقام إلى أن 59 مليون طفل في العالم لا تتوفر لهم فرصة تعليم حقيقية، من بينهم مليون ونصف مليون طفل سوري لم يلتحقوا بالمدارس خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة الحرب. كذلك فإن ما بين مليونين وثلاثة ملايين طفل داخل الأراضي السورية غير قادرين على الالتحاق بالمدارس، في حين لا تتوفّر فرص التعليم لخمسين ألف طفل لاجئ في عدد من الدول الأوروبية. هكذا يلخّص سلام في أرقام، تستند إلى إحصاءات دولية، أزمة التعليم التي تواجه أطفال سورية حول العالم.
باختصار، يوضح سلام أن البرنامج هو "المدرسة الخيمة المتنقلة" التي تشيّد وسط خيم اللاجئين، وتعتمد على التعليم الإلكتروني وعلى مدرّسين متطوعين وآخرين يتقاضون أجراً، لمساعدة الأطفال على تعلم المناهج التعليمية المتوافق عليها والمصرّح بها من قبل الدولة، أو من قبل المنظمات العالمية، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو".
وكانت شركة "آي تي ووركس التعليمية" قد انضمت إلى تحالف من 29 شركة أخرى، في حملة أُطلق عليها "تحالف الأعمال العالمي للتعليم"، خلال المؤتمر الذي عقد في الإمارات العربية المتحدة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وهذه الحملة تعمل جنباً إلى جنب مع الأمم المتحدة ومع جهات مانحة وخبراء إقليميين ودوليين رئيسيين.
لماذا لبنان؟ يجيب سلام: "لأنه يضم أكبر عدد من الأطفال السوريين اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس، إذ إنهم فقراء أو بسبب عدم الاعتراف بهم رسمياً كلاجئين. يُضاف إلى ذلك، التحاق 200 ألف طفل سوري بمدارس لبنان في دوامات مسائية، وعدم القدرة على استيعاب الأطفال السوريين واللبنانيين الآخرين في العملية التعليمية الرسمية هناك".
إذاً، البرنامج يستهدف في المقام الأول تعليم مليون طفل سوري في لبنان وتركيا والأردن، من خلال مناهج دراسية متنوعة ومرنة تتناسب مع أوضاعهم غير المستقرة ومع سيادة كل دولة لجأوا إليها، في غضون ثلاث سنوات كحدّ أدنى. أما التكلفة المتوقعة، فتصل إلى 750 مليون دولار أميركي، للربع الأول من العام المقبل.
وكانت فكرة "المدرسة الخيمة المتنقلة"، بحسب ما يشرح سلام، قد أتت لتفادي البيروقراطية في معظم الدول العربية التي تعيق التحاق التلاميذ بالمدارس، وأيضاً لتفادي الهياكل الثابتة للمؤسسات التربوية من مبانٍ ومدرّسين وإدارات ومناهج ثابتة. وهي تقوم على فلسفة "التعليم المختلط"، أي أن المدرسة تعتمد على ثلاث فئات من المدرّسين، بعضهم معتمد رسمياً في وزارات التعليم، وبعض آخر راغب في المساهمة في المشروع من خلال تسجيل محاضرات، وبثها من خارج الدولة، أما الفئة الثالثة فهي من الشباب المتخرجين حديثاً والراغبين في المشاركة سواء لقاء أجر أو تطوعاً. كذلك، تعتمد على أنواع عدة من المناهج الدراسية، منها البرامج المعتمدة في سورية مع تنقيحها من أية مواد خاصة بالسنوات الأخيرة، وتلك المعتمدة في كل دولة مضيفة، كلبنان، بالإضافة إلى المناهج المعتمدة دولياً من قبل اليونيسكو والمعترف بها دولياً وهذه تطبّق في تركيا على سبيل المثال.
ويوضح سلام أن العمل في المدرسة على ثلاث فترات، لاستيعاب أكبر عدد من التلاميذ، على أن تكون تلك الخيمة ملحقة بأقرب مدرسة رسمية في المنطقة الجغرافية التابعة لها. يُذكر أن أول "مدرسة خيمة" أنشئت في مخيم للاجئين في مدينة شتورة في منطقة البقاع (شرق لبنان).
وللتغلب على أزمة الكهرباء في لبنان، التي قد تعيق العملية التعليمية الإلكترونية في البرنامج، ثمّة حلول عدّة، في مقدمتها الطاقة الشمسية للتدفئة في الشتاء، ولتشغيل معدات التعليم على مدار اليوم الدراسي.
يبقى أن الطفل السوري اللاجئ يستطيع من دون زيّ مدرسي ولا مبانٍ تعليمية أن يمسك بيديه جهازاً لوحياً، يتابع من خلاله محاضرة يقدّمها مدرّس من بقعة ما في العالم. هكذا يتغلب على أزمة الالتحاق بنظام التعليم الأساسي في دولة اللجوء، على أمل العودة إلى سورية بعد انتهاء الحرب ليُسهم في إعادة بنائها.. بعلمه.
اقرأ أيضاً: كانت لهم مدرسة.. ومخيّم
عندما يغيب الوطن ويحلّ اللجوء محلّه ويخيّم الماضي بصعوباته وتحدياته على الحاضر والمستقبل، يُعاد ترتيب أولويات الحياة. فيحلّ الطعام والشراب في المقام الأول، ويتبعه المسكن ومن ثم الأمن والصحة ليحلّ التعليم في مرتبة متأخرة. هكذا اضطر ملايين اللاجئين السوريين حول العالم إلى إعادة ترتيب أولوياتهم.
ومن منطلق أن "التعليم هو نافذتهم لمستقبل يضمن لهم وظيفة أو هجرة أو حياة مختلفة"، كانت مبادرة على شكل برنامج مبتكر للتعليم الإلكتروني لأطفال اللاجئين السوريين في لبنان، بهدف توفير بيئة تعليمية إلكترونية آمنة ومناسبة لحياة اللاجئين حيثما كانوا على الرغم من كل الظروف. وللاطلاع على البرنامج الذي أطلقته إحدى الشركات التي توفّر حلول التعليم التكنولوجية وتلبي احتياجات مؤسسات التعليم الابتدائي والثانوي حول العالم، كان لـ"العربي الجديد" حديث مع رئيسها التنفيذي، حاتم سلام. فقدّم شرحاً مفصلاً للبرنامج وأرقاماً شديدة الدلالة على أوضاع الأطفال السوريين اللاجئين حول العالم.
تشير الأرقام إلى أن 59 مليون طفل في العالم لا تتوفر لهم فرصة تعليم حقيقية، من بينهم مليون ونصف مليون طفل سوري لم يلتحقوا بالمدارس خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة الحرب. كذلك فإن ما بين مليونين وثلاثة ملايين طفل داخل الأراضي السورية غير قادرين على الالتحاق بالمدارس، في حين لا تتوفّر فرص التعليم لخمسين ألف طفل لاجئ في عدد من الدول الأوروبية. هكذا يلخّص سلام في أرقام، تستند إلى إحصاءات دولية، أزمة التعليم التي تواجه أطفال سورية حول العالم.
باختصار، يوضح سلام أن البرنامج هو "المدرسة الخيمة المتنقلة" التي تشيّد وسط خيم اللاجئين، وتعتمد على التعليم الإلكتروني وعلى مدرّسين متطوعين وآخرين يتقاضون أجراً، لمساعدة الأطفال على تعلم المناهج التعليمية المتوافق عليها والمصرّح بها من قبل الدولة، أو من قبل المنظمات العالمية، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو".
وكانت شركة "آي تي ووركس التعليمية" قد انضمت إلى تحالف من 29 شركة أخرى، في حملة أُطلق عليها "تحالف الأعمال العالمي للتعليم"، خلال المؤتمر الذي عقد في الإمارات العربية المتحدة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وهذه الحملة تعمل جنباً إلى جنب مع الأمم المتحدة ومع جهات مانحة وخبراء إقليميين ودوليين رئيسيين.
لماذا لبنان؟ يجيب سلام: "لأنه يضم أكبر عدد من الأطفال السوريين اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس، إذ إنهم فقراء أو بسبب عدم الاعتراف بهم رسمياً كلاجئين. يُضاف إلى ذلك، التحاق 200 ألف طفل سوري بمدارس لبنان في دوامات مسائية، وعدم القدرة على استيعاب الأطفال السوريين واللبنانيين الآخرين في العملية التعليمية الرسمية هناك".
إذاً، البرنامج يستهدف في المقام الأول تعليم مليون طفل سوري في لبنان وتركيا والأردن، من خلال مناهج دراسية متنوعة ومرنة تتناسب مع أوضاعهم غير المستقرة ومع سيادة كل دولة لجأوا إليها، في غضون ثلاث سنوات كحدّ أدنى. أما التكلفة المتوقعة، فتصل إلى 750 مليون دولار أميركي، للربع الأول من العام المقبل.
وكانت فكرة "المدرسة الخيمة المتنقلة"، بحسب ما يشرح سلام، قد أتت لتفادي البيروقراطية في معظم الدول العربية التي تعيق التحاق التلاميذ بالمدارس، وأيضاً لتفادي الهياكل الثابتة للمؤسسات التربوية من مبانٍ ومدرّسين وإدارات ومناهج ثابتة. وهي تقوم على فلسفة "التعليم المختلط"، أي أن المدرسة تعتمد على ثلاث فئات من المدرّسين، بعضهم معتمد رسمياً في وزارات التعليم، وبعض آخر راغب في المساهمة في المشروع من خلال تسجيل محاضرات، وبثها من خارج الدولة، أما الفئة الثالثة فهي من الشباب المتخرجين حديثاً والراغبين في المشاركة سواء لقاء أجر أو تطوعاً. كذلك، تعتمد على أنواع عدة من المناهج الدراسية، منها البرامج المعتمدة في سورية مع تنقيحها من أية مواد خاصة بالسنوات الأخيرة، وتلك المعتمدة في كل دولة مضيفة، كلبنان، بالإضافة إلى المناهج المعتمدة دولياً من قبل اليونيسكو والمعترف بها دولياً وهذه تطبّق في تركيا على سبيل المثال.
ويوضح سلام أن العمل في المدرسة على ثلاث فترات، لاستيعاب أكبر عدد من التلاميذ، على أن تكون تلك الخيمة ملحقة بأقرب مدرسة رسمية في المنطقة الجغرافية التابعة لها. يُذكر أن أول "مدرسة خيمة" أنشئت في مخيم للاجئين في مدينة شتورة في منطقة البقاع (شرق لبنان).
وللتغلب على أزمة الكهرباء في لبنان، التي قد تعيق العملية التعليمية الإلكترونية في البرنامج، ثمّة حلول عدّة، في مقدمتها الطاقة الشمسية للتدفئة في الشتاء، ولتشغيل معدات التعليم على مدار اليوم الدراسي.
يبقى أن الطفل السوري اللاجئ يستطيع من دون زيّ مدرسي ولا مبانٍ تعليمية أن يمسك بيديه جهازاً لوحياً، يتابع من خلاله محاضرة يقدّمها مدرّس من بقعة ما في العالم. هكذا يتغلب على أزمة الالتحاق بنظام التعليم الأساسي في دولة اللجوء، على أمل العودة إلى سورية بعد انتهاء الحرب ليُسهم في إعادة بنائها.. بعلمه.
اقرأ أيضاً: كانت لهم مدرسة.. ومخيّم