بعد ما يقارب ستّة عقود من اللجوء إلفلسطيني، نزح نحو مليون ونصف سوري عام 2011 إلى لبنان؛ البلد الذي انقسم هوياتياً وطائفياً ومذهبياً في محطّات عديدة بسبب مواضيع كثيرة، كان واحد منها أوضاع اللاجئين ومستقبل وجودهم، ولا يزال ذلك حاضراً في مواقف السياسيين حتى اليوم.
بالموازاة، أقيمت العديد من الفعاليات الثقافية والفنية التي سعت معظمها لتتبع هذا الملف ببعده الإنساني والحقوقي، ومنها معرض "مخيمات اللاجئين في لبنان، عبء العوز والحرمان: صور فوتوغرافية" للفنانة هدى قساطلي الذي افتتح افتراضياً في "غاليري أليس مغبغب" ببيروت الثلاثاء الماضي، ويتواصل حتى الثالث والعشرين من الشهر المقبل.
كان المعرض مبرمجاً على جدول الغاليري الذي يحتفي بقساطلي طوال العام الجاري، بعنوان يشير إلى "عبء عدم الاستقرار" الذي تمّ استبداله بالعوز والحرمان، رغم أن التعبير الأول يشكّل الثيمة الأساسية لدى الفنانة التي تسعى إلى اختباره في مئة صورة التقطتها بين عاميْ 2012 و2019.
ترصد قساطلي التي تقدّم مشاهد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في برج البراجنة (قرب بيروت) ونهر البارد (قرب طرابلس)، وفي مخيمات النازحين السوريين في البقاع، "كيف يعبّر السوري عن رغبته في عدم الانفصال عن نمط الحياة الذي يعيشه في بلاده، إذ لا يزال يستخدم ديكورات وأدوات وأغراضاً تذكّره بها، بينما يبدو الفلسطيني أقرب إلى فقدان الامل وتعايشه مع واقع لا يرضى عنه"، بحسب حديث صحافي سابق.
وبعض النظر عن زاوية نظر الفنانة، فإنها تقسّم معرضها إلى أربعة أقسام لتوضّح مفهوم عدم الاستقرار؛ فـ"من خلال المناظر الطبيعية والمشاهد الداخلية، ومن خلال تجسيدات للطبيعة الميتة وبورتريهات شخصيّة، يتطرّق المعرض إلى المواضيع الرئيسية التي تطغى على الحياة في المخيّمات: من هندسة الأماكن إلى حياة اللاجئين اليوميّة، ومن هويّة السكّان إلى المستقبل الغامض المبهم. هكذا، تعمد هدى قساطلي إلى كشف النقاب عن الواقع المُشين، إلى مساءلة الضمائر، مسلِّطة عدستها في الوقت ذاته على تعظيم قدر الإنسان"، وفق بيان المنظّمين.
في القسم الأول، تظهر في الصور الطبيعة التي شُيّدت عليها المخيمات وكيفية بنائها الذي يعبّر عن الفقر المدقع لسكّانها، وفي الثاني، "الحياة اليومية"، تبرز الصعوبات الكثيرة التي تعترض اللاجئين بسبب عدم تخطيط المكان وقلّة الإمكانية، ويذهب القسم الثالث "هوية/ كرامة" إلى تقديم التعبيرات المختلفة التي يتخذها اللاجئون لتقديم شخصياتهم وموقفهم من الحياة، بينما يتناول القسم الرابع "الغد" ذاك المستقبل الغامض المرسوم على وجوه الأطفال.
يذكر أن هدى قساطلي ولدت عام 1964، وحازت درجة الدكتواره في الإثنولوجيا وعلم الاجتماع المقارن من "جامعة باريس X – نانتير"، وكرّست حياتها المهنيّة للبحوث والتصوير، وأقامت العديد من المعارض.