محاكمة الخيال في مصر... تسلسل زمني

22 مايو 2017
أحمد ناجي (تويتر)
+ الخط -
قضت محكمة النقض المصرية، أمس الأحد، بقبول طعن الروائي أحمد ناجي، على الحكم الصادر ضده بالسجن سنتين وغرامة 10 آلاف جنيه، بزعم "نشر مواد أدبية تخدش الحياء العام" وإعادة محاكمته.


وكانت القضية التي عُرفت إعلامياً بـ"محاكمة الخيال"، قد حظيت بتضامن واسع من المثقفين والأدباء والسياسيين والصحافيين.


وأصدر عدد من الكتاب والمثقفين المصريين بيانا مشتركا، عبّروا فيه عن قلقهم مما وصفوه بـ"حالة التدهور المستمرة في أداء أجهزة الدولة وتزايد الممارسات القمعية، وما نتج عنه من عصْف بالحريات العامة والشخصية والأكاديمية والإبداعية، إضافة إلى الحوادث المتواصلة، التي تضع البلاد في موقف شديد الحرج أمام المجتمع الدولي، في وقت ما تحتاجه هو القبول والاندماج في ذلك المجتمع".


وجاء في البيان الذي وقّعت عليه أكثر من 150 شخصية عامة، بينهم الأديب علاء الأسواني، والشاعر سيد حجاب، والكاتب إبراهيم عبد المجيد، والعشرات من الصحافيين والكتاب والمثقفين، "في ظل استمرار الرعونة والاستخفاف في التعامل مع الحريات ومن واقع الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا البلد والخوف الشديد على مستقبله، واستمرار الخطاب القمعي المتشدق بمفردات مثل (الأخلاق) بينما يفرغها بأفعال تنتهك الدستور يوما بعد يوم".


وأعلن الموقِّعون على البيان رفْض "الهجمة متعددة الأذرع، التي تطاول عددا من الكتّاب والصحافيين بسبب آرائهم، وهو ما يدل على الاستهانة الكاملة بدستور 2014، الذي استفتى عليه الشعب والذي نص صراحة على منْع الحبس في قضايا النشر والإبداع"، مؤكدين أن الدفاع عن الروائي أحمد ناجي وغيره من الملاحَقين ليس مجرد دفاع عن حق المبدعين وأصحاب الرأي في حقهم بالتعبير أيا كانت آراؤهم وبأي لغة دون التعرض للتنكيل، وأن الدفاع عنه هو بمثابة جرس إنذار على مسار مرعب يسير فيه النظام دافعا البلاد بأكملها إلى الهاوية بـ"اغتيال المجال العام ومصادرة المجال السياسي".




ونشرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) تسلسلاً زمنياً لمحطات قضية ناجي التي عُرفت بقضية "محاكمة الخيال"، قبل بدء فصل جديد من فصولها:


في 13 أغسطس/آب 2014 تقدم المواطن هاني صالح توفيق ببلاغ للنيابة ضد أحمد ناجي وطارق الطاهر رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب، التي نشرت فصلا من رواية ناجي "استخدام الحياة" في العدد رقم 1097 يوم 3 أغسطس/آب 2014. واستند صلاح في دعواه إلى زعمه بأنه أصيب باضطراب في ضربات القلب وإعياء شديد وانخفاض حاد في الضغط عندما قرأ فصل الرواية المنشور في "أخبار الأدب"، قائلا إن هذا الفصل خدش حياءه وحياء المجتمع.


وعلق ناجي، عبر صفحته على فيسبوك على قرار إحالته للمحاكمة قائلا "النيابة والأستاذ هاني مقدم البلاغ مصرّان على أن المنشور مقال وليس رواية. وبالتالي يعتبران أن أفعال وأفكار بسام بهجت بطل الرواية والمنشورة في الفصل هي وقائع اعترافات في هيئة مقال باسمي. أحب أن أؤكد أن أحداث الفصل المنشور والرواية من وحي الخيال، وليست مقالا صحافيا".


وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أحالت نيابة وسط القاهرة أحمد ناجي وطارق الطاهر للمحاكمة الجنائية، واتهمت النيابة ناجي بـ"نشر وكتابة مقال جنسي خادش للحياء"، بينما اتهمت رئيس تحرير الجريدة بـ"الإخلال بواجب الإشراف على المقال محل الاتهام"، حسبما جاء في أمر الإحالة للمحاكمة.


وقالت النيابة إن "المتهم خرج عن المُثُل العامة المصطلح عليها فولدت سفاحا مشاهد صورت اجتماع الجنسين جهرةً، وما لبث أن ينشر سموم قلمه برواية أو مقال حتى وقعت تحت أيدي القاصي قبل الداني والقاصر والبالغ، فأضحى كالذباب لا يرى إلا القاذورات فيسلط عليها الأضواء والكاميرات حتى عمّت الفوضى وانتشرت النار في الهشيم".


حددت المحكمة يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لنظر أولى جلسات المحاكمة.


في يناير/كانون الثاني من عام 2016، قضت محكمة جنح بولاق أبو العلا ببراءة ‫أحمد ناجي وطارق الطاهر من تهمة خدش الحياء العام. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن "حرية التعبير وتفاعل الآراء التي تتوالد عنها ﻻ يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها سواء من ناحية فرْض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخّى قمعها بل تكون للمواطن الحرية أن يتنقل بينها يأخذ منها ما يأخذ ويلفظ منها ما يلفظ دون أن يوضع له إطار أو قالب يحدّ من تكوين أفكاره ومعتقداته، كما أن طرح الأفكار والآراء والمعتقدات علانية يجعلها مجالًا للبحث والتقييم من جانب المختصين بل والمجتمع أجمع فيأخذ منها الصالح ويطرح الطالح".


كما استندت المحكمة في حكمها إلى "أن تقييم الألفاظ والعبارات الخادشة للحياء أمر يصعُب وضع معيار ثابت له، فما يراه الإنسان البسيط خدشا للحياء يراه الإنسان المثقف أو المختص غير ذلك، وما يراه صاحب الفكر المتشدد خدشا للحياء لا يراه صاحب الفكر المستنير كذلك".
وقضت محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا في فبراير/شباط 2016 بقبول استئناف النيابة على حكم البراءة وبحبس أحمد ناجي سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريم طارق الطاهر عشرة آلاف جنيه.


وجاء الحكم على ناجي والطاهر بإجماع آراء هيئة المحكمة وبتوقيع الحد الأقصى للعقوبة، وفقًا لنص المادة 178 من قانون العقوبات المصري، التي تنص على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورًا محفورة أو منقوشة أو رسومًا يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت خادشة للحياء العام".


ومنذ حبس أحمد ناجي، في 20 من فبراير/شباط 2016، تقدمت هيئة الدفاع عنه بأكثر من استشكال لوقف تنفيذ الحكم رفضتها المحكمة، قبل أن تقرر محكمة النقض في 18 ديسمبر/كانون الأول 2016 قبول الطعن المقدم من دفاع ناجي على الحكم ووقْف تنفيذه، وهو ما ترتب عليه الإفراج عنه، إلى أن صدر حكم محكمة النقض بإلغاء حكم حبسه وإعادة المحاكمة.


المساهمون