غالباً ما ينحصر حديث التفاعل بين الثقافتين العربية والأفريقية في سؤال الترجمة، ترجمة الأدب تحديداً، وعلى قلّة هذه الجهود فهي مقارنة ببقية فضاءات التفاعل بين الثقافتين تعتبر الأكثر نشاطاً. أما بقية المجالات من مسرح وموسيقى وسينما وفكر فهي شبه غائبة، في ما عدا بعض الحضور للفنانين التشكيليين الأفارقة، ومعظم هؤلاء مقيمون في عواصم الشمال.
تكسر بعض المبادرات الثقافية هذا الواقع، ومنها معرض "موسيقيون وآلات موسيقية من أفريقيا" الذي يتواصل حتى 30 من آب/ أغسطس الجاري في "متحف مواسين" في مراكش، وهو من المتاحف القليلة في البلاد العربية التي تهتمّ بالموسيقى.
يضيء المعرض عدداً من التجارب الفنية الأفريقية التي قلما تصادف المتابع العربي، وهي تجارب لا ترتبط بالضرورة بفنانين حيث أن بعضها يأتي مثل تراث بعيد يجري تطويره في كلّ جيل، من ذلك ما يظهره موقع المتحف حول آلة مْفيت التي تعتمدها قبائل في الكاميرون والغابون، وهي آلة تعتبر وسطاً بين آلتي الهارب الأوروبية والسيتار الهندية.
أيضاً، يقدّم المعرض آلة سانزا، وتعتبر من قبل باحثين مثل المؤرخ الموسيقي الفرنسي شارل دوفال شكلا من أشكال البيانو، حتى أنه يسمي السانزا بالبيانو الأفريقي الصغير، على اعتبار أن فكرته التحكّم في الأصوات التي يخرجها، وتعتمد نفس فلسفة البيانو الأوروبي باعتماد صندوق يتجاوب مع لمسات العازف فوق عدد من المواضع، وهي آلة تعتمد بالأساس على مادة خشب البامبو.
لا يكتفي المعرض بتقديم الآلات الموسيقية فحسب، حيث يقدّم بعض الفنانين الذي اشتهروا باعتمادها على حساب الآلات الوافدة التي بدأت في الظهور مع العصور الاستعمارية، كما يقدّم المعرض عدداً من الأعمال الفنية التي تتقاطع بشكل من الأشكال مع الموسيقى، ومنها منحوتات خشبية موضوعها الرقص المرافق، وأيضاً نسخ من كتب تناولت بالحديث الموسيقى الشعبية الأفريقية أبرزها أعمال ضمن أدب الرحلة من القرن الثامن عشر.