"ما عاد صغيراً" لـ كايروكي... أغنيةٌ على عجالة

21 ابريل 2018
من الأغنية (فيسبوك)
+ الخط -
لم يمضِ أسبوعان على رحيل الروائي المصري أحمد خالد توفيق، أو الدكتور أحمد خالد توفيق لمن يفضّل اللقب الأكاديمي، لتصدر أغنية "ما عاد صغيراً"، لفرقة "كايروكي"، إهداءً له. اختارت الفرقة قصيدة للكاتب نفسه. من ناحية، هي فكرة ذكية ولافتة، إلّا أن ثمّة "لكن"، يناقشها هذا المقال. من الواضح أن "كايروكي" ناجحة في تسويق أغانيها بشكل مثالي، خصوصاً عبر اختيار مواقف محددة للغناء لها. كانت أغنيتهم قبل الأخيرة، ضمن حملة دعائية لشركة "لوكار"، وحققت نجاحاً بالطبع. بعدها، قدم أمير عيد منفرداً إعلانَ وأغنية "أنا الأهلي". أغانٍ تلقى ترحيباً على الساحة الموسيقية.



تتحرك "كايروكي"، غالباً، في المنطقة الآمنة جماهيرياً، تقف في مكان يحمي لها تاريخها، ويسمح، يوما بعد يوم، بتوسيع هذه القاعدة الجماهيرية. مكانة ومساحة لم تستطع فرق كثيرة من "الأندرغراوند" الوصول إليها. التحمت "كاريوكي" بالشباب في مواقف كثيرة، وعبرت عنهم دائماً. بعيداً عن تقييمنا الفني للمنتج النهائي، لكن حتى الأغاني التي كانت تبث وكأنها أغاني توعية أخلاقية وصحية، مثل أغنية "الكيف"، استطاعت أن تحقق انتشاراً وصل إلى 57 مليون مشاهدة على اليوتيوب.
بعد النجاح الجماهيري الكبير للألبوم الأخير للفرقة، ربما يمكننا التعامل مع "كايروكي" خارج إطار ومنطق فرق "الأندرغراوند"، هي الفرقة الأشهر على نطاق الساحتين المستقلة والتجارية، وهذه مساحة جديدة، لا بد أن تستغلها الفرقة بالشكل الأمثل، لتقديم موسيقى مختلفة حقاً، وعدم الانزلاق وراء الموسيقى التجارية.
مع رحيل أحمد خالد توفيق، الكاتب المؤثر بجيل الشباب الآن بمختلف أعمارهم وانتماءاتهم -"كايروكي" من هذا الجيل- أو ولأن الفرقة حريصة دائماً على التعبير عن الشباب ومشاكلهم وحياتهم، كان لا بد من الوقوف عند الحزن الذي عمّ الشباب. إلى جانب ذلك، فالفرقة تُحسب على الصفوف الثورية، ولما حدث من صراع بين محبي الروائي، وبين من صنفه أنه ضد الدولة وغير وطني، كانت "كاريوكي" تعلن حبها وحزنها على كاتب الشباب، معلنة أنها فرقة شبابية، منهم وعنهم وإليهم.
كلمات القصيدة بسيطة، وجاءت على شكل رسالة شخصية من الابن إلى أمه؛ كلمات فصيحة، وربما كان السؤال الأصعب الذي يواجه الفرقة، كيف سنقدم أغنية باللغة الفصحى؟ هل ألحان أمير تناسب هذه الكلمات وهذه الحالة الشعورية بين الحزن والتأبين؟ تفكير خارج المتوقع في ترك تلحين الأغنية إلى شريف الهواري، أحد أعضاء الفرقة.



يختلف لحن الهواري كلياً عن ألحان الفرقة، كأنه يحاول بث شكل جديد لها؛ مساحة تسمح للفرقة بالتحرر من ألحان أمير عيد المتشابهة في أغلب الأوقات. اللحن بسيط وخفيف، عزّزه استخدام كورال نسائي مكون من فتاتين، ما أضاف بعداً آخر للأغنية، وأثقل اللحن، وزاد من الشعور بكلمات وحالة الأغنية. ربما لم نعتد على وجود كورال في أغاني الأندرغراوند، خصوصاً إن كان "كورالا" له دور محدد ومرسوم من قبل الملحن والموزع.
صناعة الأغنية بهذه السرعة، لم تكن موفقة. نستمع إلى عدد كبير من الأخطاء النحوية في النطق ، وهو الأمر غير المقبول خصوصاً أن الفرقة تقدم الأغنية إهداءً إلى كاتبها الراحل. وأمام الانتقادات التي واجهت الفرقة بسبب الأخطاء اللغوية، مسحت الأغنية القديمة، وأعادت تسجيلها ونشرها بنسخة منقحة لغوياً، في خطوة تحسب لها، ونادراً ما تحصل في العالم العربي.


ربما يذكرنا اللحن وطريقة الغناء بأغاني يوري مرقدي، ورشا رزق؛ إذ لم تخرج من تأثيرات التجارب السابقة، لم تبحث عن خصوصية أكثر للأغنية والأداء. ويبدو أن اختيار شريف الهواري للغناء، لم يكن الأفضل؛ كانت الأغنية أصعب من قدراته، ويتضح ذلك إلى حد كبير عندما ينفرد صوته بالبطولة، فتظهر نقاط الضعف في أدائه.
في النهاية، هي تجربة جديدة، ومساحة مختلفة عن شكل أغاني الفرقة، من الممكن الاستمرار فيها وتطويرها وإعادة تقديم تجارب مثلها، لا نقصد غناء قصائد فصحى تحديداً، لكن فكرة الخروج لأماكن ومساحات جديدة، والمغامرة والتجريب، والتعلم من أخطاء التجارب السابقة. ربما كان عامل الوقت هنا سببا في ما حدث من أخطاء، ما أدى إلى عدم التمهل المطلوب أكثر في التجارب القادمة، كي نستمع إلى أغان تضاف لمسيرة "كاريوكي" تليق بنجاح الفرقة وجمهورها الكبير.
المساهمون