"ماركس وأزمة المناخ": ضدّ تجزئة الأزمات

08 يونيو 2020
(كارل ماركس)
+ الخط -

يعود العديد من الباحثين اليوم إلى مقولات كارل ماركس حول الطبيعة التي بدأت المخاوف الحقيقية بتدميرها تبرز منذ منتصف القرن التاسع عشر، حين أشار إلى أن الثورة الصناعية قد استنفذت الزراعة بعد أن قضت على التربة ولوّثتها، وأضرّت بقوانين الحياة الطبيعية.

ويبدو أن بلوغ الهيمنة البشرية على الطبيعة حدوداً لم يتصوّر أحد عواقبها الوخيمة، دفعت بالمفكر الألماني (1818 – 1883) إلى الواجهة مجدّداً، حيث العمل والصناعة هما بالأساس وسطاء بين الإنسان والطبيعة من أجل تلبية احتياجاته الأساسية لا أن تؤدي إلى تدهور نظامه البيئي، مع الإشارة إلى العديد من المفاهيم والنظريات العلمية في هذا الإطار لم تكن فد تبلورت حينها.

"ماركس وأزمة المناخ" عنوان الكتاب الذي صدر حديثاً للباحثة في تاريخ العصور الوسطى إلين غراهام لي عن "منشورات كاونتر فاير"، وتتناول فيه صعود البيئة لتصبح قضية سياسية بالمقام الأول مع تكريس حركة احتجاج عالمية تدافع عن القضايا المناخية، وتلعب دوراً في الوصول إلى اتفاقيات دولية حولها.

تشير المؤلّفة إلى أن أفكار صاحب "رأس المال" تفسّر انهيار المناخ، وكيف يمكننا إنشاء مجتمع يحمي البشر والكوكب، مع العودة القوية إلى التفكير الجمعي بنظام ومؤسسات قادر على تحقيق هذا الهدف الذي لا يمكن تحقيقه عبر حلول فردية بحسب قناعات معظم الناشطين البيئيين التي تعادي الطروحات النيوليبرالية التي تصرّ على تجزيء الأزمات والتعامل معه بشكل منفرد.

وتفكّك لي في كتابها جملة المصالح التي تعبّر عن نفسها في ملف المناخ، حيث تموّل شركات صناعة الوقود الأحفوري، مثلاً، حملات تهدف إلى تحويل الانتباه عن كبار "الملوثّين" وتحميل العبء على الأفراد الذين يجب عليهم وحدهم تغيير سلوكهم من أجل تخفيض انبعاث الكربون في الكوكب.

ويوضّح الكتاب كيف يتجمّع اليوم ما يقارب أربعة ملايين متظاهر حول العالم في الإضرابات المناخية التي باتت في الأونة الأخيرة تدعو إلى تغيير النظام الذي يقوم على نمط استهلاكي بالمطلق نحو تبديل سلوكهم الشرائي الذي يخدم الطبقة المسؤولة عن تلوّث المناخ، وهو ما يتطلب تغيرات تشريعية وثقافية.

كما تطرح لي تساؤلات أكثر عمقاً مثل هل البشر هم عدو التنوع البيولوجي، بحيث لا يمكن أن يزدهر إلا في غيابنا، وهل يمكننا أن نعتبر الطبيعة سلسلة من المدخلات التي يمكن استخدامها بشكل مستدام وحذر، كما نريد؟

المساهمون