"ليلة الحناء" في أعراس فلسطين... تراث يقاوم التغيير

18 اغسطس 2017
اندثر بعض تراث الزواج الفلسطيني لكن الحناء يقاوم(كويك كيرزنبوم/Getty)
+ الخط -
على الرغم من أن الحداثة غزت حفلات زفاف الفلسطينيين، وباتت إقامة الأعراس في باحات المنازل في طريقها إلى الانقراض، ومعها بعض الطقوس الشعبية المتوارثة، إلا أن "الحناء" ظلت ضمن التقاليد الباقية من طقوس الزواج.


تتجمّع النساء في بيت العريس أولاً، وتقوم إحداهن بمزج مسحوق الحناء بالماء، أو كما يطلق عليها "جبل الحناء"، ومن ثم تردد النسوة أهازيج خاصة على وقع الطبلة، حتى يتم الانتهاء من عملية التجهيز، ثم تتولى النساء تزيينه بالورود، فتشتد حماستهم بالغناء ويرددن "سبل عيونو ومد ايده يحنوله، غزال صغير كيف أهله سمحوله".

ومسحوق الحناء يأتي من نبتة الحناء، وكان يستخدم لطرد الحشرات عن شعر النساء، وتطهير الجلد، وما زال مستخدماً حسب قول الحاجة زوادة أبو حديد، لـ"العربي الجديد"، وأضافت: "نساء فلسطين، لا سيما المسنات، يستخدمن الحناء لإخفاء الخدوش في أجسادهن، وصبغ الشعر للمحافظة عليه، وطرد الحشرات منه".


وليلة الحناء، بحسب أبو حديد، كانت في الماضي تعني كثيراً للعروس، لا سيما في المجتمع البدوي، فكانت بمثابة حفل زفافها بحضور صديقاتها، ورسم الحناء على اليدين والجبين هو بمثابة إعلان أن الفتاة انتقلت إلى بيت عريسها.

ولا تختلف طقوس الحناء في مدن الضفة الغربية المحتلة، لكن ما يميّز مدينة عن مدينة وقرية عن قرية، هو تطريز الثوب والنقش الخاص به، فكل عروس كانت ترتدي ثوباً خاصاً للحناء من أثواب الزفاف الخمسة.


تقول مديرة مركز التراث الفلسطيني، مها السقا، لـ"العربي الجديد"، إن إقبال بعض الفتيات، لا سيما في قرى رام الله وبيت لحم، على شراء أثواب خاصة بالحناء هو حلقة وصل بين الماضي والحاضر.

وتضيف السقا أن هذا التراث يأبى الرحيل، فبعض القرى في رام الله، وبيت لحم، والخليل، وشمال الضفة، يستحيل أن يخلو فيها حفل زفاف من حفل الحناء، على الرغم من أن الحداثة التي طرأت على الزفاف أضاعت بعضاً من طقوسه، وعلى سبيل المثال أصبح الحناء في صالة أفراح، واقتصر على بعض الضيوف، وتلاشى الوشم على الجبين والوجه كما كانت تفعل النساء في السابق، لا سيما البدويات منهن.


ووفق الحاجة أبو حديد، فإن مجموعة من نساء الحي يرافقهن بعض الرجال، يتوجهن إلى منزل والد العريس، وسط ترديد الأهازيج، وهناك تنتظرهن النساء من أقارب العروس، وعادة هن أكثر من قريبات العريس، ثم يحملن الحناء ويقمن بالرقص به، وتقوم قريبات العريس بلطخه على يد العروس ورجليها وجبينها، ومن ثم يوزع ما تبقى على النساء كدعوة من أهل العريس لأهل العروس بحضور حفل الزفاف.


يخلط الحناء مع الشاي والخمير والماء ليحافظ على تماسكه، وكي يمكن تمديده على اليدين، لكن طقوس تلطيخ اليدين بدأت تندثر، مع بقاء بعض الأهازيج "يا حنا يا أخضر يا لايق على ديي، وانتا يا عريس يا غالي علي".

وتنوه السقا بالتفنن في رسم الحناء على يدي العروس، وأيدي صديقاتها، لكن تراث تلطيخ اليدين اختفى، فالرسمات العصرية اقتحمت الحناء، وإن حافظت المناسبة على اسمها التقليدي في غالبية مناطق الضفة.

المساهمون