واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الأميركي، الذي يرى أن "القوة تعلو فوق أي شيء آخَر من أشكال الفضيلة"، استغل الأزمة، وقرر فيها "الدرجة صفر من التسامح". و"بينما يُحاكَم الآباءُ بسبب جريمتهم، حسب القانون الأميركي، فإن الأطفال يتمّ وضعهم في أقفاص في مراكز الاعتقال".
وتقول الافتتاحية إن الأمر يتعلّق بعمليات "احتجاز رهائن حقيقية"، والهدف "دفع الكونغرس لتبنّي إجراءات بالغة التشدد يريدها الرئيس ترامب في موضوع الهجرة". كما يراد منها أن تكون "إشارة إلى القادمين من بلدان أميركا الوسطى، أن الولايات المتحدة تخلّت عن كل شكل من أشكال الإنسانية تجاههم".
وترى "لوموند" أن "هذا الإجراء تسبّب في صدمة، حتى بين الداعمين للرئيس ترامب، في حين أن نائبه، مايك بنس، الذي لا يتوقف عن إشهار لواء إيمانه، لم يجد ما يتفوه به".
ولم يتورع الرئيس الأميركي بِـ"جُبن ومغالطات، عن أن يصوّر هذه السياسة باعتبارها جزءا من معارَضَته للديموقراطيين، قبل أن يتهمهم بالرغبة في تسليم البلاد للجريمة المُنظَّمَة".
ويظهر في هذا الإجراء الجديد "طريقة ترامب في إصباغ الهستيريا على الموضوع، من أجل الاستفادة من الصدمة التي تشلّ من يعتبرون أن السياسةَ لا يمكنها أن تتحرر من بعض المبادئ الأولية. هكذا أصبحت الغاية القصوى للرئيس لا تتمثل فقط في مهاجمة الهجرة غير الشرعية، بل إن الهجرة بشكل عام، أصبحت هدفاً لرئيس القوة العالمية الأولى".
ومن أجل "مكافحة الأجانب الذين يجتاحون الولايات المتحدة"، بتعبير ترامب، فهناك إجراءات عدة في هذه المعركة، بينها "خفض عدد اللاجئين على التراب الأميركي، والتخلي عن الحماية المؤقتة التي كان يستفيد منها مُواطنو نيكاراغوا وهايتي وهندرواس والسالفادور".
ما يريده الرئيس ترامب من الآن فصاعدا، كما تقول افتتاحية "لوموند"، هو "أن يحدّ الكونغرس، بشكل كبير، من التجمع العائلي، وأن يلغي منح التأشيرات عن طريق القرعة التي كان يُراد منها تسهيل تنوع كبير في الهجرة، إضافة إلى منحه الأموال من أجل تشييد الجدار الذي يريده على الحدود مع المكسيك".
وترى الصحيفة أن الرئيس الأميركي من خلال هذه السياسة "يريد أن يُعيد بلاده قرناً إلى الوراء، وتحديدا إلى سنة 1921، وهو تاريخ تبنّي سياسة هجرة مقيِّدَة تضبطها محاصصةٌ تمنح الامتياز لدول شمال أوروبا على حساب الآخَرين".
وتختم الافتتاحية بالتأكيد على أن "خطاب ترامب المثير للقلق حول الهجرة له هدفٌ آخَر، وهو الحفاظُ على تحالفه الانتخابي الذي سمح له بفوز طفيف سنة 2016، من أجل الانتخابات النصفية، في نوفمبر/تشرين الثاني، وكذلك انتخابات الرئاسة سنة 2020. وَصْم المهاجرين ليس سوى عزاء وَهْمي للناخبين البيض المحكوم عليهم بأن يكونوا أقلية بسبب الفترة الانتقالية الديمغرافية. المهاجرين الذين يوصفون بأنهم غير شرعيين اليومَ، هم أصل الولايات المتحدة الأميركية".