"لا يشعرون معنا"

07 سبتمبر 2015
لاجئتان في أحد مخيمات الأردن (خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -

"لم يعد أمامنا خيارات. يريدوننا أن نعود إلى الداخل السوري لنموت تحت البراميل المتفجرة، أو نهرب عبر البحر وقد نموت غرقاً". بهذه الكلمات يعلق اللاجئ السوري مالك عجاج على قرار برنامج الأغذية العالمي وقف المساعدات المقدمة للاجئين في الأردن، الذين يقيمون خارج المخيمات، وقد دخل حيز التنفيذ مطلع الشهر الجاري، علماً أنه أحد المتضررين منه.

هذا اللاجئ الخمسيني الذي يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد تسكن بيتاً مستأجراً في مدينة أربد (65 كيلومتراً شمال عمّان)، يقول لـ "العربي الجديد" إن أوضاعه ستزداد صعوبة، وهي كانت صعبة أصلاً قبل وقف المساعدات. يضيف: "كنا نعتقد أن المنظمات الدولية ستشعر بمعاناتنا وتزيد مساعداتها، لكن للأسف حدث العكس. لا أحد يشعر أو يهتم بنا".

مضى على وجود عائلة عجاج في الأردن ثلاث سنوات. استفادت خلالها من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية وجمعيات الإغاثة المحلية، علماً أنها تناقصت بشكل تدريجي. وفي ما يتعلق ببرنامج الأغذية العالمي، يقول: "في البداية، كان كل فرد يحصل على 24 ديناراً (34 دولارا) شهرياً، ثم خفّض المبلغ إلى النصف. وقبل وقف المساعدات نهائياَ، لم يعد يتجاوز المبلغ الخمسة دنانير (7 دولارات)". يضيف أن المبلغ كان قليل جداً، وإن كان يساعد في توفير بعض متطلبات الحياة.

قرار البرنامج هذا شمل 229 ألف لاجئ بحسب إحصائياته، وقد برر قراره بنقص الأموال، علماً أن حاجات اللاجئين السوريين في الأردن فقط، خلال الأشهر الأربعة المقبلة، قدرت بنحو 39 مليون دولار. وفي وقت أكد البرنامج التزامه استمرار تقديم المساعدات للاجئين المقيمين داخل المخيمات، يرفض عجاج الانتقال إليها، قائلاً إن "الحياة فيها صعبة ولا تطاق بسبب الازدحام، عدا عن انتشار الأمراض". يضيف: "سأخاف على أبنائي وبناتي داخل المخيم". ويرى أن الخيارات بالنسبة له وغيره من اللاجئين، هي إما العودة إلى الداخل السوري والموت بسبب القصف بدلاً من الموت جوعاً هنا، أو اختيار طريق الهجرة عبر البحر والموت غرقاً. ويأمل أن يتراجع البرنامج عن قراره، على غرار ما حصل مطلع العام الجاري.

حالُ اللاجئة روي العمور ليس أفضل. تقيم في منزل مع طفليها بعدما هربت من سورية قبل أكثر من ثلاث سنوات إثر اختطاف قوات النظام زوجها، الذي لا تعلم إن كان ما زال على قيد الحياة. تقول: "يوماً بعد يوم، تصبح الحياة أكثر صعوبة. لا مساعدات ولا عمل". وتسأل: "كيف سنستطيع البقاء على قيد الحياة، وقد هربنا من الموت إلى الفقر والجوع".
ووفقاً لإحصائيات الحكومة، فإن عدد اللاجئين السوريين في الأردن يبلغ نحو مليون و400 ألف لاجئ، يقيم نحو 80 في المائة منهم خارج مخيمات اللجوء. وكانت مساعدات البرنامج تشمل نحو 522 ألف لاجئ داخل المخيمات وخارجها.

إلى ذلك، يتوقع مصدر في إدارة شؤون اللاجئين السوريين في الأردن ألا يؤدي قرار وقف المساعدات إلى توجه اللاجئين إلى المخيمات. ويقول لـ "العربي الجديد" إن التجارب السابقة تشير إلى عدم رغبة اللاجئين المقيمين خارج المخيمات بالعودة إليها، حتى بعد التهديد بحصر المساعدات للمقيمين داخل المخيمات. ويؤكد أن الحل يتمثل في استمرار المساعدات ومعاملة اللاجئين من قبل المنظمات الدولية بشكل عادل.

تراجع دور المنظمات الدولية العاملة في مجال إغاثة اللاجئين وضع المنظمات الأهلية أمام تحد قد يهدد قدرتها على الاستمرار، بحسب رئيس جمعية "معاً نبني للتنمية والتأهيل" صلاح قازان. ويؤكد أن "كل تراجع وانسحاب من قبل المنظمات الدولية يعني زيادة الأعباء على الجمعيات الأردنية"، مشيراً إلى أن زيادة عدد المستفيدين سيعني تراجع طبيعة المساعدات المقدمة للاجئين.

الأردن ينتقد القرار
لا تبدو الحكومة الأردنية راضية عن قرار برنامج الأغذية العالمي، الذي رأت فيه تنصلاً من المجتمع الدولي في مساعدة اللاجئين المقيمين على أراضيها، ما يساهم في تخفيف الأعباء عن موازنتها المتهالكة أصلاً. وانتقد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني قرار وقف المساعدات، مؤكداً موقف بلاده الداعي للالتزام بمساعدة اللاجئين ومنع تفاقم المأساة.

اقرأ أيضاً: الأردن يقر بترحيل لاجئين سوريين خالفوا القوانين
المساهمون