وإثر ذلك نظّم الشباب العراقي في مختلف المحافظات عدداً من الندوات والمؤتمرات الشبابية التي دعوا عبرها إلى التكاتف والوحدة الوطنية ونبذ الطائفية.
وأطلق ناشطون شباب من أحد المراقد المقدسة في محافظة كربلاء جنوب العراق حملةً بعنوان "لأنك عراقي"، يشترك فيها عدد كبير من الشباب والناشطين من السنة والشيعة، تهدف إلى محاربة الطائفية والحفاظ على وحدة العراق ونبذ السياسيين الطائفيين وتجريم داعش والمليشيات، في خطوة اعتبر المراقبون أن من شأنها تخفيف التوتر الطائفي الذي يعصف بالبلاد.
الناشط مرتضى الكعبي (29 عاماً) أوضح أن "ما يمر به العراق من احتقان طائفي سببه سياسي بالدرجة الأساس، والضحية هم العراقيون بكل طوائفهم، الأمر الذي وضعنا أمام مفترق طرق خطير جداً، فبحثنا مع الكثير من الناشطين الشباب سنةً وشيعة أهم السبل الكفيلة بإخراج العراق من هذا الاحتقان الطائفي السياسي".
من كربلاء
ويضيف الكعبي لـ "العربي الجديد": "أطلقنا هذه الحملة من أحد المراقد المقدسة في محافظة كربلاء بالمشاركة مع العديد من الناشطين السُنّة، بناءً على قناعتنا جميعاً بضرورة توحيد الصف، وتهدف الحملة إلى رفض تقسيم العراق بأي شكل من الأشكال، ومحاربة الطائفية ونبذ السياسيين الطائفيين المتسببين بنشر الطائفية، وتجريم المليشيات وداعش، على حدٍ سواء".
ولا تقتصر الحملة على محافظة كربلاء، بل تتعداها إلى حملات مماثلة في محافظات أخرى، في جولات ينوي هؤلاء الناشطون الشباب القيام بها بالتعاون مع المنظمات المدنية وعدد من الإعلاميين.
ويشير إلى ذلك الناشط عبد الودود الحسني (32 عاماً)، موضحاً أن "الشباب العراقي بدأ يعي جيداً ضرورة تحمله المسؤولية في المرحلة الراهنة، نتيجة الضغوطات الكبيرة التي تعرضنا لها كشباب، وفي ظل السياسات الطائفية للكتل والأحزاب المشاركة في العملية السياسية، والتي تسببت باحتقان واضح في النسيج المجتمعي العراقي، لكننا بحملتنا هذه نحاول إيصال رسالة إلى السياسيين لنقول لهم كفى تهاوناً بدماء العراقيين وكفاكم طائفية سياسية".
ويتابع الحسني في حديثه إلى "العربي الجديد" أن الطائفية في العراق سياسية وليست مجتمعية، والسياسيون هم السبب في ما يجري للعراق من مآسٍ، ونحن سنستمر بحملتنا هذه لنقول للجميع إن العراق باقٍ والسياسيون زائلون.
ويوضح: "سنتجه من كربلاء إلى بقية المحافظات الأخرى لتوسيع نطاق حملتنا، بهدف الحفاظ على وحدة العراق وتجريم المليشيات وداعش وإخراس الأصوات السياسية النشاز التي تحاول أن تعبث بأمن العراق وشعبه".
ويُجمع هؤلاء الناشطون على أنَّ الطائفية في العراق سببها سياسي بأجندات خارجية، لتمزيق النسيج المجتمعي وتقسيم البلاد على أسس طائفية وعرقية.
كذلك يرى الناشط والإعلامي مازن الجنابي مستدركاً أنّ "الشباب هم لبنة المستقبل وقوام المجتمع العراقي، ونريد أن نقول للسياسيين وشيوخ العشائر وعلماء الدين، إن عليكم جميعاً الوقوف معاً لمحاربة السياسيين الطائفيين ونبذهم وعدم الانجرار وراء الدعوات المغرضة لتقسيم العراق، وإن على السياسيين جميعاً تجريم داعش والمليشيات في آنٍ واحد ونبذ الأجندات الخارجية التي لا تريد للعراق وشعبه الاستقرار".
مبادرة مستقلة
ويتابع الجنابي لـ "العربي الجديد": "نحن لسنا تابعين لأي جهة سياسية أو غيرها، بل نحن شباب ناشطون في القضايا المجتمعية والإنسانية، أهدافنا عبر هذه الحملة إيقاف نزيف الدم العراقي، بنبذ الطائفية والوقوف بوجه السياسيين الذين تسببوا بكل هذا الدم والخراب والموت الذي يخطف العراقيين صباحاً ومساء بلا ذنب ولا جريرة".
ويرى إعلاميون وصحافيون أن العراق بحاجة ماسة إلى مثل هذه الحملات الشبابية في الظرف الحالي، خاصة أن كثيراً من وسائل الإعلام المحلية، لم تكن بالمستوى المطلوب لتخفيف حدة التوتر والاحتقان بحسبهم.
الصحافي مالك الأسدي يعتبر أن "الإعلام العراقي بحاجة إلى إعادة هيكلة نتيجة السياسات الإعلامية الخاطئة في التعامل مع الأحداث الجارية في البلد، فكثيرٌ من السياسيين الطائفيين عمدوا إلى شراء فضائيات وصحف ووكالات أنباء معروفة بهدف بث سمومهم الطائفية".
ويقول الأسدي لـ "العربي الجديد" إنَّ: "حملة (لأنكَ عراقي) تتضمن رسالة كبيرة بمعانٍ راسخة وثابتة لكل سياسي وطائفي، لنقول لهم جميعاً كفوا عنا إعلامكم المحرض الطائفي وأوقفوا خطاباتكم الطائفية المقيتة وكونوا على قدر المسؤولية".
وسبقت هذه الحملة الشبابية، حملات مماثلة وندوات ومؤتمرات أقامها صحافيون وإعلاميون وناشطون مدنيون، شباب دعوا إلى إعادة اللُحمة الوطنية ونبذ الطائفية ومحاسبة السياسيين الطائفيين.
اقرأ أيضاً:
مسح: كلمات العراقيين الجديدة.. العنف يولد ألفاظه
عراقيون يغيرون أسماءهم وألقابهم.. والسبب طائفي
الانسانية قبل الطائفية