"كنز ساخن" في بحر صور

05 أكتوبر 2014
بئر كبريتي يشبه عين إنسان (العربي الجديد)
+ الخط -

مدينة صور القديمة، التي غرقت في البحر إثر زلزال ضربها قبل أربعة آلاف سنة، شهدت اكتشاف آبار كبريتية يمكن استخدامها في العلاج الطبيّ.
هي واحدة من اكتشافات غطّاسيها الذين نشروا "سياحة الغطس" في مدينتهم كجزء من كنوزها القديمة.
في بحر صور أيضاً فوّارات مياه عذبة باردة، وغوّاصات وطائرات وسفن حديثة غارقة في قاع البحر، بحسب الغطّاسين. وينفرد بحر صور بتقديم لوحة جمالية طبيعيّة، تدفع المرء إلى الحشرية للتعرّف على أسراره وعلى مزيد من الاكتشافات الطبيعية المهمة، أبرزها آبار وكهوف تنبع منها المياه الكبريتية، على بعد أربعة كيلومترات من الشاطئ، على عمق 40 إلى 65 متراً.
تشكّل هذه الآبار مشهداً طبيعياً خلاّباً وساحراً، وفيها منافع يضاً. فهي كانت مقصداً لبعض اللبنانيين كي يتعالجوا من أمراض معيّنة. لهذا أُطلق عليها اسم "الكنز الساخن"، الذي لا مثيل له في البحر الأبيض المتوسط كلّه.
فقد زار العالم الفرنسي ديبرتيه لبنان عام 1842، موفداً من الأكاديمية الفرنسية، لدراسة الشاطئ اللبناني، وتحدّث عن فوّارات المياه الساخنة جنوبي مصبّ نهر الليطاني، حيث كان يقصدها الناس من كلّ المناطق اللبنانيّة لمعالجة بعض الأمراض.

وقد اكتشف فريق من الغطّاسين موانئ تاريخية في قعر بحر صور، لعبت أدواراً مهمّة في الحركة التجارية بالمنطقة. وكانت قواعد السفن القديمة، وهي عبارة عن أجران حجرية وحلقات دائرية من الصخر، تتموضع في قعر السفن بغية الحفاظ على توازنها. ويُعدّ اكتشافها إنجازاً علمياً وتاريخياً. كما عثر غطّاسون على بعض المعادن الثمينة من ذهب وفضّة، من مخلّفات السفن الغارقة، كذلك على الإسفنج والتوتياء.
هذا الأمر فتح الباب أمام البحث عن الآبار الكبريتية، وأحدها كانت تتدفّق المياه الساخنة منه عبر فتحة في الصخر بقاع البحر، وهي صفراء اللون ولها رائحة كبريتية قويّة، ولا تتعدّى حرارتها الـ35 درجة مئوية.

وبعدها اكتشفت آبار عديدة تقع داخل مغاور بحرية واسعة وجميلة، نصف دائرية، وحولها ما يزيد عن عشرة آبار مختلفة الأحجام وبعض المغاور الضخمة. لكن ما يلفت النظر أنّ كل تلك الآبار تقع على سفح تلّة صخرية على عمق 38 متراً تحت سطح المياه. وقد وجد الغوّاصون بئراً يصل عمقه إلى 51 متراً، بسبب الصخر الذي هوى في قاع البحر نتيجة المياه الساخنة، وقد تسبّبت مئات وآلاف السنوات بتآكُله.

البئر يصفه الغطّاسون بأنّه كالهرم المقلوب، مساحته من الأعلى، أي على عمق 38 متراً، تقارب ما يزيد عن المئة متر مربّع، ومن الأسفل أي على عمق 51 متراً، تقارب الأربعة أمتار. والمنطقة ما بين فوهة البئر في القاع وبين القسم العلوي، مكتظّة بالصخور الضخمة التي تكسّرت وتبعثرت في كلّ اتجاه نتيجة التآكل والانهيار.

ويقول خبراء طبّيون إنّ للمياه الكبريتية فوائد صحية جمّة، إذ بادرت شركة تشيكية من تشيكوسلوفاكيا لإقامة منتجعات صحيّة يقصدها الكثيرون من اللبنانيين، وقد تبيّن أنّ المياه العميقة في لبنان توازي جودتها تلك المياه في التشيكوسلوفاكية، خصوصاً في معالجة مرض "البهاق".

المساهمون