"كلاشينكوف" قيصر وفرعون
جاء القيصر إلى بلاط فرعون مصر، فرشت السجادات الحمراء، وحلّقت الطائرات في السماء، وعزفت الموسيقى العسكرية، وأطلقت المدفعية طلقات الحفاوة، وراحت راقصات البالية يرقصن على أزهار الغيد، ووقف الرجلان في لحظة شموخ، في غير محلها، تذكّرنا بلحظات المجد والفخار التي عاشها من قبل دون كيشوت، فالأول تشققت قدماه، بحثاً عن حفنة مساعدات يتلقفها من هنا أو هناك. والثاني يخوض حرباً عسكرية متكاملة الأركان، حركت فيها الطائرات والمدرعات والدبابات ضد مدنيين عزّل، يحملون صوراً أو رسوماً، ويشعلون الألعاب النارية والإطارات.
واستكمالا للمشهد الدونكيشوتي، راح القيصر الروسي العظيم يهدي نظيره الفرعون "كلاشينكوف"، السلاح الذي يعد من الأسلحة المستخدمة في إدارة الحروب الأهلية، تعبيرا عن التضامن الروسي مع معركة عبد الفتاح السيسي ضد أبناء شعبه الإرهابي، وإيذاناً بعقد صفقة شراء تقدر ببليون دولار.
يحدث ذلك كله، ولا تزال جثث المصريين تملأ "المشارح"، والدماء تخضب الأرض في مشاهد غير معتادة تاريخياً في مصر، فمن لم يمت بالرصاص في التظاهر، يموت صعقاً بالكهرباء في المعتقلات، أو حرقاً في اعتصام، أو دهساً على الطريق، أو شنقاً على لوحة إعلانات، أو من شباك منزل، أو خنقاً في سيارة ترحيلات، أو في ستاد، أو طعناً في الشارع.
لذلك، نقول إلى الذين يريدون إعادة مخيلتنا، مخيلتنا فقط، إلى ما قبل 1990، حينما كان العالم يدار بقطبين، الاتحاد السوفييتي وأميركا. المشهد الآن مختلف تماماً، بل على نقيض ما كان آنذاك.