"كاتيوشا السفارة" يستنفر بغداد ويرفع قلق الشارع: هذه نتائج التحقيقات الأولية

20 مايو 2019
التحقيق مع أمنيين بشأن "التقصير" (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

رغم مرور أكثر من 12 ساعة على الهجوم الصاروخي الذي طاول المنطقة الخضراء وسط بغداد، وعلى مقربة من الباحة الخلفية للسفارة الأميركية، لم تصدر الحكومة العراقية أي توضيح بشأن الهجوم، رغم أن مكتب رئيس الوزراء نشر بياناً صباح الإثنين تحدث فيه عن الموقف الأخير من السيول والخزين المائي للبلاد، في ظل مواصلة قوى سياسية وفصائل مسلحة تنصلها من الهجوم في بيانات بدت متطابقة. 

السفير الأميركي الجديد ماثيو تولر، الذي يتوقع أن يصل إلى بغداد في غضون اليومين القادمين، رفع من سقف مخاوف الشارع العراقي كثيراً، بعد تصريحه من واشنطن عقب مصادقة الكونغرس على ترشيحه سفيراً للولايات المتحدة في بغداد، الذي أعرب فيه عن خشيته من الوضع في العراق بسبب الأزمة الحالية بين بلاده وطهران. 

وقال مسؤول عراقي بارز في بغداد لـ"العربي الجديد"، إن هجوم أمس نفذ من الباحة الخلفية لمرأب أمانة بغداد، المخصص لوقوف السيارات الثقيلة وعربات جمع النفايات شرقي العاصمة، وهي منطقة تخضع لنفوذ واسع لمليشيات "كتائب حزب الله" و"العصائب" و"النجباء" على وجه التحديد، وتبدأ من شارع الصناعة، مروراً بالجامعة التكنولوجية، وحتى طريق محمد القاسم السريع.


وأكد المسؤول ذاته أن الحكومة العراقية دخلت حالة استنفار، وتواصلت مع أغلب الفصائل المسلحة من خلال فالح الفياض رئيس مليشيات "الحشد الشعبي"، ونائبه أبو مهدي المهندس، ونفت جميعها مسؤوليتها عن إطلاق الكاتيوشا اتجاه السفارة الأميركية.

وكشف المتحدث ذاته عن أن "المعلومات الأولية ترجح أن تكون مجموعة متشددة داخل إحدى تلك الفصائل، هي من أطلقت الصاروخ دون علم قيادة الفصيل أو التنسيق معها".

وتحدث المسؤول ذاته أيضاً، عن فتح تحقيق مع قوات الشرطة والجيش الموجودة في المنطقة التي انطلق منها الصاروخ، إذ تم استدعاء عقيد ومقدم للتحقيق معهم حول التقصير، وهو ما قد يفتح مجدداً مشكلة مرور فصائل "الحشد الشعبي" من نقاط التفتيش بلا تفتيش أو تدقيق بمركباتهم، أو الحمولة التي معهم، مؤكداً أن الحكومة العراقية ما زالت تجري اتصالات واسعة مع مسؤولين أميركيين، في محاولة منها لـ"جعل الحادث عابراً وعدم بناء أي مواقف عليه في الساعات المقبلة".

وأوضح المسؤول العراقي أن: "الحكومة في العراق أضعف من أن تعلن الوقوف إلى جانب إيران أو رفض العقوبات الأميركية وإجراءاتها التصعيدية ضد طهران، وهذا الملف الأخطر الذي تواجهه الحكومة حالياً". 

في غضون ذلك، يتابع العراقيون التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران، ولا سيما بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الأميركية إرسال حاملة الطائرات أبراهام لنكولن، وطائرات قاذفة إلى الشرق الأوسط، بدعوى وجود معلومات استخباراتية بشأن استعدادات محتملة من قبل إيران لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأميركية، ناهيك عن ردود الفعل الإيرانية، وكان آخرها تصريح القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، الذي قال إن بلاده لا تبحث عن الحرب ولا تخاف منها، معتبراً أن "العدوّ (الأميركي) يخاف منها ولا يمتلك إرادة الحرب".

وقال السياسي العراقي مطشر السامرائي، إنه "لدى الشعب العراقي ذاكرة مأسوية في الحروب، مع معرفة شعبية بأن السياسة الحالية للبلد غير واضحة المعالم، وأن أغلب السياسيين لا يفكرون ببلدهم، وإنما بمصالح الدول التي يرتبطون بها"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "وصول العراق إلى مرحلة الحياد هو أمر في غاية الصواب، ولكن مع وجود طبقة سياسية لا تراعي مصالح شعبها سيكون الأمر صعباً جداً، وإذا دخل العراق محور الحرب فستتحول البلاد إلى حطبٍ".

وأضاف السامرائي: "في السابق كان العراق يمثل البعبع الذي يلاحق أميركا وإيران وكل دول المنطقة، والآن هو بلد تحكمه أحزاب موالية للخارج، فقد أصبح القرار العراقي رهينة للكثير من التوجهات التي تمثل مصالح آخرين غير عراقيين"، لافتاً إلى أن "الحرب على إيران يُراد منها ابتزاز كل منطقة الشرق الأوسط".

من جانبه، أكد القيادي بفصائل "الحشد الشعبي" معين الكاظمي، أن "التحشيد الأميركي في الخليج والمنطقة العربية يثير القلق، وطبول الحرب التي تدق ستؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار، مع العلم أن المواقف الإيرانية لا تزال ثابتة بخصوص المواجهة مع الأميركيين، ولكننا نؤمن بالجهود السياسية ودورها بتخفيف الأزمة، ولا سيما أن الطرفين يعيشان حالة من الانتظار".

وأشار الكاظمي إلى أن "هناك محاولات من قبل أطراف كثيرة بهدف إرعاب الشارع العراقي بأنه سيكون حطباً للمعركة، ونحن ندعو إلى استقرار المنطقة والعراق، ولا نقبل بأيّ نار تلتهم بلادنا، لأنها ستلتهم الخليج أيضاً".


وأكمل المتحدث ذاته في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "التصعيد من قبل الطرف الأميركي مع استمرار تحشيده العسكري، قد يدفع بعض أطراف المقاومة لاستهداف المصالح الأميركية في المنطقة، سواء في الخليج وحتى قواعد عسكرية داخل العراق، ولا أقصد بالمقاومة، الفصائل ضمن "الحشد الشعبي"، إنما قد تتشكل مجاميع مقاومة جديدة، وخصوصاً إذا انتهكت القوات الأميركية السيادة العراقية، واتخذت من الأرض العراقية مسرحاً لتنفيذ ضرباتها على بلد مجاور"، على حد قوله.