"قصص مخيفة" مكتوبة بالدماء

14 نوفمبر 2019
يدمج هذا النوع من الأفلام بين الوحشية والبراءة (Imdb)
+ الخط -
Scary Stories to Tell in the Dark، اسم مجموعة قصصية صدرت عام 1981 للكاتب ألفين شوارتز، احتوت على 29 قصّة مكثّفة وحابسة للأنفاس، ضاعفت من تأثيرها رسوم الفنان ستيفين غامل. بسهولة، يمكن تتبّع وفهم أثر هذا الكتاب على مخرجي سينما الرعب في جيلٍ لاحق، وكيفية تشكيله جزءاً من معالم لغتهم السينمائية، وأوّلهم المكسيكي غيلّيرمو دِلْ تورو، الذي عرفه العالم بفضل أفلام مثل The Devil's Backbone المُنجز عام 2001، وPan's Labyrinth المُنجز عام 2006، قبل فوزه بجائزتي "أوسكار" في فئتي أفضل فيلم وأفضل إخراج عن The Shape Of Water عام 2018.
هذه الأفلام كلّها تدمج بين الوحشية والبراءة ولحظات رعب خالص، مبنيّ على خيالٍ طفولي، تماماً كقصص شوارتز. لذا، ليس غريباً أن يكون دِلْ تورو منتج الاقتباس السينمائي الجديد، وكاتب السيناريو الخاصّ به، كما أنّه ليس غريباً أن يحمل الفيلم نفسه الكثير من روحه، وإنْ مع مخرج آخر هو النرويجي أندريه أوفِرْدال.
المفردات الأساسية التي تُكوّن قصة الفيلم ولغته كلاسيكية للغاية: بلدة صغيرة تحتفل بـ"هالوين" عام 1968. يدخل مراهقون بيتاً مهجوراً، تقول أساطير البلدة إنّه مسكون بالأشباح. تعثر الفتاة ستلا على كتاب قصص رعب (قصص شوارتز نفسه، لكنّها مدموجة في سياق الفيلم). وعندما تفتحه لتتصفّحه، ترى قصصاً جديدة تُكتب فيه بالدماء. كلّ قصّة ترسم مصير أحد أصدقائها، الذي يحدث في اللحظة نفسها، بدءاً من تومي، الذي تطارده فزّاعة الحقل، والإصبع الكبير الذي يعرّض أوجّي لمطاردة من زومبي، والبقعة الحمراء التي تخرج منها عناكب صغيرة في وجه روث، وقصص أخرى قاتِمة ومرعبة. عندها، تبدأ ستلا وأصدقاؤها محاولة فهم ما يحدث، وتتبّع حقيقة الكتاب للتخلّص من لعنته.
الفيلم كلاسيكي تماماً في بنائه ومفرداته، وأحداثه متوقَّعة. مع ذلك، هو فيلم رعب جيد للغاية، لسبب واحد هو المشهدية العالية فيه، بمعنى أنّ كلّ مشهد رعب ـ مقتبس عن قصة من قصص ألفين شوارتز ورسوم غامل ـ يكون موَتِّرا وحابسا للأنفاس، ولا توجد لحظات كثيرة فيها خضّات بالمعنى المتعارف عليه، أو دماء تملأ أفلام الرعب، كما في العقدين الأخيرين، لأن الفيلم لا يستهدف ذلك، بدليل تصنيفه "صالحاً للأطفال مع مراقبة أسرية (PG-13)" وليس "R"، أي التقييم المعتاد لأفلام الرعب غير الصالحة لمن هم دون 18 عاماً. فهو يستبدل بذكاء هذا كلّه، بالضغط والإثارة والإيقاع المشدود للغاية، مبرهنا عن حِرفية أوفِرْدال، وتأثّره بدِلْ تورو أيضاً.

الفيلم نفسه يجعل شخصياته مثيرة للاهتمام، بالنسبة إلى المتفرّج، كالجزء الأول من It، الذي أنجزه عام 2017، مثلا، ومدى أثر الأطفال في تعاطينا مع ما يحدث. هذا يتكرّر هنا، فيكون الرعب أكثر تأثيرا، لأنْ لا أحد يريد أن تموت تلك الشخصيات. ورغم كليشيهات هنا وهناك، في مسار القصّة، وكيفية كشفها، وحقيقة سارة بوليز، مؤلّفة الكتاب التي تتحكّم به بقوّة ما ورائية، إلا أنّ السيناريو لا يُفقد المتفرّج فضوله خلال المُشاهدة، وصولا إلى تحية مؤثّرة للكتاب الأصلي، بجملة "القصص تؤلم.. والقصص تشفي"، المتكرّرة مرّات عديدة.
المُحصّلة النهائية: هذا فيلم رعب جيّد وذكي، يستفيد تماماً من الصبغة الكلاسيكية للنصّ الأدبي المُقتبس عنه.
دلالات
المساهمون