روّج موقعا "فيسبوك" و"غوغل" أخباراً زائفة ادّعت أن منفذ اعتداء لاس فيغاس ديمقراطي ومناهض للرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وانتشرت هذه الأخبار بسرعة على شبكة الإنترنت، بعد ساعات فقط من إصابة المئات خلال حفل موسيقي في شارع "لاس فيغاس ستريب"، أمس، ما أعاد تسليط الضوء على خطورة سيطرة الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي وسط الأخبار العاجلة.
وأعلنت الشرطة الأميركية عن مسؤولية ستيفن بادوك (64 عاماً)، عن الاعتداء المذكور الذي أسفر عن مصرع العشرات وإصابة المئات، لكن قبل أن تحدد الشرطة الفاعل أشار بعض الناشطين من اليمين المتطرف إلى أن الفاعل يُدعى غاري دانلي. ولم يتبين تحديداً مصدر انتشار هذه الشائعة، إلا أن المستخدمين اليمينيين على شبكة الإنترنت روجوا بشراسة للمعلومة، لافتين أيضاً إلى أن دانلي كان ليبرالياً.
وعلى منصة 4chan المفضلة لدى حركة "اليمين البديل" (آلت رايت)، سارع مستخدمون إلى الإشارة إلى دانلي باعتباره ديمقراطياً، ثم نشرت مدونة Gateway Pundit قصة عنوانها "مطلق النار في لاس فيغاس ديمقراطي أُعجب براشيل مادو، ومجموعة MoveOn.org، وتربطه علاقات بجيش مناهض لترامب". القصة لم تضم أي أدلة إطلاقاً، واستندت إلى مراجعات على موقع "فيسبوك"، وفقاً لموقع شبكة "سي أن أن" الأميركية.
وعلى الرغم من استناد القصة إلى ادعاءات غير مثبتة، إلا أن صفحة "التحقق من السلامة" Safety Check على "فيسبوك"، والتي يناط بها تمكين الأشخاص من التواصل مع أحبائهم خلال الأزمات، روجت لقصة ادعت أن مطلق النار لديه وجهات نظر معارضة لترامب، بالإضافة إلى روابط لأخبار زائفة أخرى.
في الوقت نفسه، تم توجيه مستخدمي "غوغل" إلى رابط 4chan للأخبار الزائفة، عند بحثهم عن اسم غاري دانلي.
وفي هذا السياق، ينتقل مستخدمو شبكة الإنترنت من اليمين المتطرف إلى مرحلة جديدة من الإساءة عبر الإنترنت، من خلال التلاعب الناجح بخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، لتسييس الأحداث المأساوية.
وبينما حاولت الشرطة الأميركية تحديد الدافع وراء جريمة بادوك، ربط مستخدمون من اليمين المتطرف والمروجون لنظرية المؤامرة المنفذ بجماعات مناهضة للفاشية وحركة "أنتيفا" اليسارية. كما روّج "يوتيوب" شائعات مفادها أن منفذ الاعتداء من مؤيدي المرشحة الخاسرة للانتخابات الرئاسية الأميركية، هيلاري كلينتون.
وبعيداً عن الأخبار الزائفة ذات الطابع السياسي، انتشرت أخبار عدة زائفة حول الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تداولت تغريدات منتشرة على نطاق واسع حسابات وهمية للضحايا المفقودين، وفقاً لموقع "بازفيد" الإخباري.
كما سارع بعض المشاهير إلى نشر أخبار زائفة ومغلوطة عن عدد الضحايا والمنفذ، قبل أن تقدم الشرطة الأميركية أي تفاصيل مؤكدة، بينهم مغنية البوب سيا، علماً أنها تملك 3.2 ملايين متابع على "تويتر".
تجدر الإشارة إلى أن مواقع "فيسبوك" و"غوغل" و"يوتيوب" واجهت اتهامات عدة بالسماح للدعاية والأخبار الزائفة بالانتشار والوصول إلى شريحة واسعة من المستخدمين، لكنها ألقت باللوم على الخوارزميات ووعدت بالتحسين.
وفي سياق متصل، نشرت "غوغل" بياناً حول ظهور 4chan على نتائج البحث، وأكدت أنها استبدلت خوارزمية النتائج ذات الصلة، ووعدت بالاستمرار في تحسين خوارزمياتها لمنع تكرار الأمر في المستقبل، وفقاً لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.
أما "فيسبوك" فحاولت التقليل من دورها في نشر الأخبار الزائفة، ونشرت بياناً أوضحت فيه أن "مركز العمليات الأمنية العالمي حدد المنشورات الزائفة وحذفها، لكن التأخر في إزالتها سمح بتداولها على شبكة الإنترنت. نعمل على حل المشكلة... ونأسف للارتباك الحاصل".