واستعرض التقرير الخاص بالمجلة، عدّة إنجازات قامت بها تونس منذ ثورتها في العام 2011 خاصة في البناء الديمقراطي للدولة، وتركيز مؤسسات منتخبة والتأسيس للتعددية السياسية وتنوع وسائل الإعلام، وترسيخ قيم الحوار عند الأزمات، والتي كانت جائزة نوبل للسلام إحدى ثمراتها.
من جهته، أكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، في تصريح للمجلة، أن البلاد لن تشهد عودة للوراء، وأن هناك مؤسسات على غرار البرلمان ووسائل الإعلام، هدفها ضمان ذلك، مستدلاً بتمكن البلاد من السيطرة على الاحتجاجات في مختلف جهات البلاد، دون أضرار وعنف.
كما اعتبرت المجلة أن التجربة التونسية تعتبر الأنجح بين تجارب التغيير في الثورات العربية، غير أن ذلك لا يحجب عدة نواقص ذكرها التقرير، تتمحور أغلبها حول "الخطر الإرهابي" الذي يتهدد البلاد، وغياب التنمية، وتراجع اقتصاد البلاد، ما يجعلها "ديمقراطية مشلولة".
ولفتت في تقريرها أيضاً إلى أنه "بالتمعن أكثر والاقتراب من الواقع التونسي، تصبح الصورة أكثر سواداً، والبلاد تسير في الاتجاه الخاطئ"، مضيفةً أن "هذا الاستنتاج يعود إلى عدة عوامل تم رصدها، إذ تشهد البلاد انزلاقاً اقتصادياً واتساعاً في الهوّة بين الطبقة الثرية والطبقة الفقيرة وبين الجهات الداخلية وبين العاصمة والجهات الساحلية، لكن أكثر ما يقلق التونسيين هو تصاعد الجماعات الإرهابية المتطرفة وخطرها على أمن البلاد".
وعددت المجلة أسباب تراجع اقتصاديات البلاد، وتأثيرها على المجتمع التونسي وتنامي الاحتقان داخله.
وذكرت إشكالية البطالة، التي كانت العامل الأول وراء قيام الثورة التي أخذت تتفاقم أكثر فأكثر إثرها لتبلغ نسبة المعطلين عن العمل 30 في المائة من فئة الشباب، فضلاً عن إثقال كاهل الدولة بنسبة مرتفعة من الموظفين في القطاع العمومي، وهي غير قادرة على تسريح الموظفين من ذوي الإنتاجية المنخفضة.
ولم تثمر الإصلاحات التشريعية في المجال المالي والبنكي كما كان متوقعاً، اذ لا توجد نتائج إيجابية لهذه الإصلاحات ما جعل أغلب رجال الأعمال يفضلون العمل في الاقتصاد الموازي وخارج الأطر القانونية.
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن العامل الأهم في المرحلة الصعبة، هو عامل "الإرهاب" فتونس تجمعها حدود واسعة مع ليبيا التي تشهد اضطرابات أمنية، وتسيطر على أجزاء منها جماعات إرهابية تسعى البلاد إلى منعها من الولوج إلى أراضيها. لكن العملية تبقى غير ممكنة طالما لم تتمكن من تعزيز اقتصاد المناطق الحدودية، وخلق مجالات عمل فيها ما يجعل التهريب أول مصدر للعيش فيها، وبالتالي يصعب قطع عمليات الذهاب والإياب نحو ليبيا غير القانونية، ومراقبة تدفق "الإرهابيين" وتسللهم إلى أراضيها.
وعرض التقرير "المد الإسلامي في تونس بشكل عام"، إذ تعدّ أكبر مصدر لمقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش)، وفي حين اتجهت أغلب الحركات الإسلامية التي شهدت قمعاً شديداً في ظل نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، نحو التطرف و"الإرهاب"، على غرار التيار السلفي وتنظيم "أنصار الشريعة" اللذين تربطهما علاقات بـ"داعش"، فإن الحزب الإسلامي ذا التأثير الواسع "حركة النهضة" أظهر رغبة في الانخراط والالتزام باللعبة الديمقراطية.
كذلك، بيّنت المجلة أن هناك عدة أسباب للقلق من الوضع في هذا "البلد الصغير" الذي شق طريقاً مغايراً لما شهده جيرانه في المنطقة ممن قاموا بثورات، إذ سقطت بعضها في حكم "الدولة الإسلامية" أو في حروب أهلية.