"فوبيا" الانتخابات وعودة الفلول تؤرقان السيسي

08 فبراير 2015
السيسي سيستخدم ورقة الإرهاب للترويج لنظامه (أحمد سميل/الأناضول)
+ الخط -
تضع الانتخابات النيابية المصرية المرتقبة، النظام المصري الحالي، برئاسة عبد الفتاح السيسي، في أزمة كبيرة، بسبب الخوف من نتائجها، وإمكانية تشكيل مجلس نيابي مناوئ له، لا يُستبعد أن تتصدّره رموز الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.

تأتي هذه المخاوف في ظل ضغوط خارجية يعاني منها النظام الحالي، من أجل الانتهاء من الانتخابات البرلمانية قبل المؤتمر الاقتصادي المقرر في مارس/آذار المقبل.
واشترطت دول أوروبية وبعض الدول المانحة، إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية قبل عقد المؤتمر الاقتصادي، كي يتم التأكد من مدى شرعية النظام، واستكمال خارطة الطريق التي أعلنت في 3 يوليو/تموز 2013.

ويزيد من الضغوط أنّ النظام المصري لم يلبِ طموحات الدول الكبرى، والمؤسسات الاقتصادية الدولية، التي رهنت القروض والمنح باستقرار الأوضاع السياسية في مصر.

وكان النظام قد ذهب إلى إجراء مرحلة أولى على الأقل من الانتخابات قبل المؤتمر الاقتصادي، على أن يتم استكمال باقي المراحل عقب المؤتمر الاقتصادي. غير أنّه عاد وقرر عقد الانتخابات بأكملها عقب المؤتمر.

واكتفى السيسي بفتح باب الترشح للانتخابات في 8 فبراير/شباط المقبل، كبادرة على النية الصادقة للنظام في إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. غير أنّ موعدها لم يحدّد بعد.
وليست الضغوط الخارجية التي يتعرّض لها السيسي لإجراء الانتخابات، بمعزل عن ضغوط داخلية من أحزاب وتحالفات محسوبة في الأساس على نظام مبارك، لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.

ويحاول السيسي الهروب من إجراء الانتخابات في وقت قريب حتى عقب المؤتمر الاقتصادي، وتدعم هذه الفرضية عدم تحديد جدول الانتخابات حتى وقت قريب، على رغم أنّه كان مقرراً البدء في إجراءاتها منتصف العام الماضي.

وتشهد أروقة النظام الحالي حالة من الارتباك والتخبط الكبير، خوفاً من نتائج الانتخابات المقبلة، خصوصاً وأنّ مجلس النواب المقبل، وفقاً للدستور المعدل عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، سيكون له سلطات واسعة وسيسيطر على مفاصل الدولة عبر تشكيل الغالبية للحكومة الجديدة.
ويسعى السيسي إلى التأكد من أن مجلس النواب المقبل، لن يشكل خطورة كبيرة عليه ولن يعارض سياساته وقراراته.
وبناء عليه، لا يُستبعد أن يلجأ النظام الحالي إلى عملية تزوير واسعة خلال الانتخابات المقبلة، للحد من سيطرة فلول نظام مبارك عليه، في إطار صراع خفي بين النظامين، بدأ يظهر على السطح تدريجياً.
وفي حال تقرّرت الانتخابات، قد يلجأ السيسي إلى اعتماد أسلوب نظام مبارك في التزوير، مما سيُحدث أزمات كبيرة يتوقع أن تؤثر على صورة ووضع النظام الوليد أمام العالم، وكشف منظمات دولية ألاعيب التزوير ورصدها ونشرها بشكل موسع.
وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تراجع شعبية السيسي، باعتبار أنه لا يختلف كثيراً عن مبارك، والذي كانت انتخابات 2010 سبباً رئيسياً في الإطاحة به.
ويشير مراقبون إلى إمكانية استخدام السيسي ونظامه ورقة مواجهة الإرهاب والخلل الأمني الذي تواجهه مصر للدعاية الإعلامية له.

وهذا السيناريو الذي قد يلجأ إليه السيسي، من خلال أذرعه الإعلامية داخلياً، في محاولة للتخفيف من وطأة الانتقادات لأدائه وحكومته.
وفي ظل المشهد المضطرب على المستوى السياسي والرسمي، يعتبر مراقبون أن النظام الحالي أعطى الضوء الأخضر لعدد كبير من الضباط والقياديين السابقين في القوات المسلحة المصرية، للزحف نحو مقاعد مجلس النواب، لمواجهة فلول مبارك.

وهو ما يؤكده ترويج عدد من قياديي الجيش السابقين لأنفسهم بشكل منفرد، بعيداً عن أي تحالفات حزبية، إذ قاموا بنشر لافتات التهنئة لأهالي دوائرهم من المسلمين، في ذكرى المولد النبوي، وللأقباط بمناسبة عيد الميلاد في التقويم الشرقي.
ولا ينفصل طموح العسكريين في مصر إلى السيطرة على البرلمان، عن سيطرتهم على كافة المفاصل المهمة للدولة، بدءاً من مراكز المدن، مروراً بالمحافظات، التي تولّى نحو 16 قيادياً سابقاً في الجيش، منصب المحافظ فيها أخيراً.

ويبقى خيار تأجيل الانتخابات وارداً في جميع الأحوال، وقد عبّر عن ذلك إعلاميون وسياسيون موالون للسيسي، من ضمنهم رئيس حزب "الوفد" السيد البدوي، وأستاذ العلوم السياسية جمال زهران، في وقت سابق، إذ دعوا إلى ضرورة تأجيل الانتخابات كي لا تتعطل خطة ورؤية السيسي.
وتصاعدت مخاوف السيسي من إجراء الانتخابات خصوصاً مع فشل مستشاره كمال الجنزوري، في توحيد الأحزاب والقوى المشاركة في الانتخابات على قائمة موحدة، مع وجود تنسيق بينهم على مقاعد الفردي، لضمان عدم تصدر شخصيات بعينها، خصوصاً المحسوبة على نظام مبارك، مشهد مجلس النواب.


من جهة ثانية، أكّدت مصادر مطلعة، فضلت عدم نشر اسمها لـ"العربي الجديد"، أنّ تأخر إجراء الانتخابات يعود إلى الرغبة في تحضير قائمة سياسية مترابطة تصلح لخوض الانتخابات فيما يشبه الائتلاف للسيطرة على مجلس النواب.
وفي إطار مساعيه لتشكيل قائمة موحدة، عقد السيسي اجتماعاً مع رؤساء الأحزاب في 12 و13 يناير/كانون الثاني الماضي. وأكّد المصدر أن السيسي دعا الأحزاب المشاركة إلى التكاتف وتكوين قائمة انتخابية موحدة بدلاً من حالة الفرقة والصراع التي تشهدها الساحة المصرية.
وشدّد الرئيس المصري على أنه في حال تشكيل قائمة موحدة تجتمع حولها كافة القوى سيقوم بدعمها.
في المقابل، تكتل فلول نظام مبارك في قائمة واحدة وهي "الجبهة المصرية"، بقيادة الفريق أحمد شفيق، الهارب إلى دولة الإمارات.
ويعد مراقبون أن انتخاب شفيق بالتزكية رئيساً لحزب "الحركة الوطنية"، المشكَّل بشكل رئيسي من "فلول" نظام مبارك، خطوة إلى الأمام نحو عودة الأخير.

وتؤكّد تصريحات قيادات "الحركة الوطنية" أن الحزب يتشاور مع شفيق في مختلف تفاصيل المعركة الانتخابية، شأن "معايير اختيار المرشحين، واختيار بعض الأسماء لقيادة التحالف وقت تأسيسه، ووضع الأجندة التشريعية، والبرنامج العام"، حتى إنّ شفيق مهتم بشكل كبير بالانتخابات المقبلة، ويريد لتحالف الجبهة حصد الغالبية البرلمانية لتشكيل حكومة جديدة.
المساهمون