ستة أشهر مرت على الانقطاع التام للتيار الكهربائي في غالبية محافظات اليمن، بما فيها العاصمة صنعاء. مع ذلك، لا تتأخر وزارة الكهرباء والطاقة في تسليم اليمنيين فواتير الكهرباء، مطالبة إياهم بتسديد ما عليهم من رسوم، ما يجعل عدداً كبيراً من المواطنين يرفضون التسديد حتى إشعار آخر. وأكثر ما يستفز المواطن هو وجود ختم على الفواتير يحمل تحذيراً بقطع التيار خلال ثلاثة أيام.
يسأل إبراهيم عرب ساخراً: "ما الذي سيفعلونه إذا لم نسدد فواتير الكهرباء؟ هل يقطعونها مثلا؟". يقول إنها مقطوعة أصلاً، ولا يمكن تهديد المتخلفين عن التسديد بفصل التيار الكهربائي عن منازلهم. ويستغرب أن تطالب وزارة الكهرباء المواطنين بتسديد رسوم الاشتراك الشهري للكهرباء، وغيرها من رسوم الخدمات. يضيف: "طالما أن الكهرباء غير متوفرة، ليس على المواطن دفع أي اشتراك أو رسوم إضافية أخرى. أما إذا كنا مطالبين بتسديد فواتير الظلام، فهذا أمر آخر". يقول لـ "العربي الجديد": "منذ أشهر ونحن نعيش في الظلام. لو كان لدينا دولة وقانون، لكنا تقدمنا بشكاوى أمام المحاكم". ويشير إلى أن الوزارة "تسرق المواطنين من خلال هذه الفواتير".
يرفض محمد خميس أيضاً تسديد الفاتورة التي تصله في موعدها كل شهر، في ظل الغياب التام للكهرباء. يقول إن الرقم في الفاتورة الأخيرة تجاوز الخمسين ألف ريال يمني (أقل من 250 دولارا أميركيا)، علماً أن الكهرباء كانت تأتي بضع ساعات في اليوم، وقد انقطعت تماماً خلال الأشهر الخمسة الأخيرة.
ويتهم وزارة الكهرباء بالحرص على جباية الأموال فقط، من دون أي خدمات في المقابل، ومراعاة ظروفهم الصعبة في ظل الحرب. يضيف: "نضطر إلى دفع أموال إضافية لتعويض الكهرباء التي كانت الحكومة توفرها لنا، من خلال مولدات الكهرباء أو الطاقة الشمسية". يقول لـ "العربي الجديد" إنه خسر خلال الأشهر الستة الماضية نحو 2500 دولار. يضيف أنه في البداية اشترى مولداً للكهرباء. ومع انعدام الوقود، اضطر إلى شراء نظام يعمل بالطاقة الشمسية.
من جهته، يوضح جابي الكهرباء خالد الريمي أن الوزارة عاجزة عن توفير الطاقة لأسباب عدة، أهمها توقف محطة مأرب عن العمل، وتضرر أجزاء واسعة من خطو وأبراج نقل الطاقة في مأرب ومنطقة نهم في محافظة صنعاء. في الوقت نفسه، يؤكد على ضرورة دفع المواطنين المتأخرات المتراكمة خلال الأشهر الماضية. يتابع أن "الوزارة تعجز عن تسليم رواتب الموظفين، ما يحد من قدرتها على إجراء بعض أعمال الصيانة في حال توفرت الطاقة".
كثيراً ما يُنتقد الريمي من قبل المواطنين حين يوزع الفواتير، وقد يصل الأمر أحياناً إلى شتمه واتهامه بالسرقة. أما هو، فيرد عليهم بتأجيل تسديد الفواتير حتى تعود الكهرباء. يقول لـ "العربي الجديد": "أضطر إلى ملاطفتهم. أنصحهم بعدم التسديد حتى تعود الكهرباء على الرغم من أن هذا الأمر يعد مخالفة لعملي، إذ يتوجب علي حث المواطنين على التسديد". ويؤكد تفهمه للمواطنين الذين يعربون عن انزعاجهم من انقطاع الطاقة الكهربائية.
ويعاني موظفو قطاع الكهرباء في العاصمة صنعاء من عدم صرف مستحقاتهم المالية منذ نحو ثلاثة أشهر، على الرغم من ظروفهم المعيشية الصعبة. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الكهرباء والطاقة لم تكتف بتوزيع فواتير الكهرباء على المواطنين، بل وزعت أيضاً منشورات إضافية قبل أسابيع، تحث فيها المواطنين على تسديد الفواتير، ما أثار السخرية بينهم على مواقع التواصل الاجتماعي. حتى أن الوزارة حذرت من تجاهل فواتير الكهرباء المستحقة وعدم تسديدها، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى توقف خدماتها وانهيار مؤسسة الكهرباء والطاقة.
وتعد مشكلة الكهرباء من التحديات الأساسية التي تواجه التنمية في اليمن. ويعاني اليمنيون من انقطاعات منتظمة للتيار الكهربائي لساعات عدة يومياً منذ منتصف التسعينيات. في ذلك الوقت، كانت الكهرباء تصل إلي 40 في المائة فقط من مناطق اليمن. إلا أنها زادت عام 2011 بسبب الاعتداءات المتكررة على خطوط نقل الكهرباء.
ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي في يونيو/حزيران الماضي، فإن قطاع الكهرباء في اليمن يمر بأسوأ حالاته منذ إبريل/نيسان الماضي، إذ تنقطع الكهرباء لأيام وأسابيع متتالية بشكل تام عن غالبية مناطق الجمهورية، بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطات انتاج الطاقة، الأمر الذي انعكس سلباً على مختلف القطاعات والمستويات في اليمن.
اقرأ أيضاً: يمنيّون يحيون بالبدائل