يُقيم "المتحف الوطني للفنون الجميلة" في عمّان محاضرتين تحت عنوان "فن التجريد: هل فعلاً يستطيع أي شخص إتقانه؟"، الأولى عند السادسة من مساء السبت المقبل، والثانية في التوقيت نفسه من مساء السبت 29 من الشهر الجاري، بعد أن كان عقد محاضرتين سابقتين تحت العنوان نفسه.
المحاضرات ينظّمها "نادي الحوار" التابع للمتحف، ويتضمّن مشاركة يقدّمها الفنان الأردني مهنا الدرّة يتحدث فيها عن التجريد بشكل عام، وعن معرضه الاستعادي المقام حالياً في المتحف تحت عنوان "مهنا الدرّة: رائد الفن التشكيلي الأردني الحديث" والذي يتواصل حتى الحادي والثلاثين من آذار/ مارس المقبل.
بدأ الدرّة رحلته باكراً مع التجريد، متأثّراً بمدرسة روما، حيث رسم في أعماله الأولى أبنية عمّان وجبالها والتي غلب عليها اللون الأزرق واشتقاقاته، وكذلك أعمال تجسّد البادية الأردنية حيث المساحات الشاسعة للأرض تعانق زرقة السماء، والطقوس الشعبية من رقص ودبكة ووجوه البدو والخيام.
إلى جانب النقاش حول تاريخ هذا الفن مع الدرّة، يُعرَض فيلم وثائقي يستعرض حياة وأعمال الفنّان التجريدي الأميركي مارك روثكو (1903-1970)، الذي توصف كل أعماله تقريباً بالتجريدية التعبيرية.
تأثّر روثكو بشكل كبير بفلسفة نيتشه وبالميثولوجيا. من هنا نجد في أعماله الأشكال والرموز والمزج بين تأثير السريالية والفن التجريدي والتكعيبية، حتى أنه أقام معرضاً بعنوان "التكعيبية والفن التجريدي" عام 1936.
لكن عمل روثكو في الأربعينيات اختلف، فمع الشكل الأسطوري كمحفّز، قام بدمج الأنماط الأوروبية للسريالية والتجريد. ونتيجة لذلك، أصبح عمله أكثر تجريداً، وربما من المفارقات أن روثكو نفسه وصف هذا التغير ليس بالتجريد بل بـ"الوضوح".
بالنسبة إلى ظهور الفن التجريدي، فقد ساهمت في تشكُّل هذه المدرسة كلّ من المدراس الرومانسية والانطباعية والتعبيرية، فجمع التجريد بين استكشاف السطح والطلاء وشدّة اللون واللعب ورسم المشاعر وردود الفعل والتصوّرات والحالات النفسية للوجود.
بهذا المعنى، كان الفن التجريدي بالكامل مجرّد تجربة لتطوير طريقة جديدة للفن بشكل أساسي وهو إلى اليوم ما زال معقّداً بالنسبة إلى الجمهور.