في الأصل كان النداء هو الذي يجمع أهل القرى والجبال، فينطلقون في حوار شعري مرتجل بينهم يذهبون نحو الغناء الجماعي، رجالاً ونساءً، في حلقة رقصٍ يبثون خلالها همومهم وأشجانهم، ليستوعب هذا الشكل البدئي على امتداد الزمن تعبيرات متنوّعة أساسها التحرّر بالجسد والكلمة واللحن، فسمح بظهور الشيخات "مغنيات العيطة"، ونقد الظلم الاجتماعي والسياسي حيث يذكر المؤرّخون دوره في مقاومة المستعمر.
مهرجانات تتوزّع على العديد من المناطق المغربية ورثت تسعة أنماطٍ منه و52 إيقاعاً، ومنها "المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية" الذي تنطلق دورته السادسة في مدينة تاونات (شمال مدينة فاس) بعد غدٍ السبت وتتواصل لثلاثة أيام.
تشارك في الدورة الحالية فرق عدّة؛ من بينها: "مجموعة عبد اللطيف الخمسي"، و"الحضرة الشفشاونية خيرة افزاز"، و"عبد العزيز أحوزار"، و"محمد الكوشي"، و"المختار الجنحي"، و"وفاء العسري"، و"حجي السريفي"، و"طيور الجبال للتراث/ الموسيقي محمد اجبيلو"، إلى جانب الفنانين: أمينة رشيد، ومحمد الدرهم، ومحمد الجم، ومجيدة بنكيران، ومحمد الشوبي، ونعيمة إلياس، ومحمد بلهيسي.
المهرجان الذي يُكرّم الفنان المغربي عبد الرحيم الخمسي، يعقد مائدة مستديرة حول موضوع "العيطة الجبلية في التراث الجبلي المغربي والعالمي" يتحدّث خلالها أنثروبولوجيون وباحثون ونقّاد موسيقيون، هم: أحمد عيدون وعبد السلام الخلوقي وعبد العزيز بن عبد الجليل وعبد الوهاب الذهبي في محاولة لتأصيل فنونها عبر ألف عام كجزء من التراث اللامادي.
كما تُقام "خيمة الشعر في العيطة الجبلية" التي يشارك فيها عشرة شعراء ينتمون إلى مختلف المناطق الجبلية في المغرب يتناوبون على القراءات الشعرية يومياً، وإلى جوارها "خيمة فضاء الحكاية الجبلية" التي ستقدّم نماذج من فن الحكي الجبلي.