في حدث "فتحاوي" لافت، أحيا المئات من أبناء حركة "فتح"، الذكرى 28 لاستشهاد قائد هيئة الأركان للجناح العسكري للحركة - القائد الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، كذلك الذكرى 14 لاعتقال القائد الوطني الكبير مروان البرغوثي (أبو القسام)، وسط رام الله، اليوم السبت.
وشارك المئات من الملثمين، والذين رفعوا الصور والرايات، في عرض عسكري بناء على دعوة "إقليم رام الله والبيرة" في المحافظة، لكن العرض ضم الصور واللافتات وأعلام فلسطين وحركة "فتح"، وخلا من السلاح بشكل كامل، على الرغم من عشرات الملثمين وأنصار "فتح" الذين شاركو في العرض وهم يرتدون اللباس العسكري.
وعلى غير العادة تحيي قاعدة كبيرة من شباب "فتح" الذكرى الـ28 لاستشهاد أبو جهاد، واعتقال البرغوثي بالتزامن، وسط وجود رسمي خجول للقيادة الفلسطينية، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات "شبيبة فتح" بصور، (أبو جهاد) و(أبو القسام)، وكأن الحركة تعيش حنيناً لقادتها الشهداء منهم والأسرى.
ويحظى الوزير بشعبية كبيرة راسخة عابرة للأجيال الفتحاوية والفلسطينية، وهو معروف كمقاتل صلب عنيد، فجّر الانتفاضة الأولى، وخاض عمليات مقاومة كبيرة ضد الاحتلال، ما استدعى اغتياله بإطلاق نحو 70 رصاصة على جسده، في عملية اغتيال نفذها الموساد الإسرائيلي في المنزل الذي كان يقيم فيه في تونس في 16 إبريل/ نيسان 1988.
حياة الوزير
وتفيد المواقع الفتحاوية في السيرة الذاتية للقائد الشهيد، أنّه ولد في نهاية عام 1935 في بلدة الرملة بفلسطين، ثم غادر بلدته إلى غزة إثر نكبة عام 1948 مع أفراد عائلته. ودرس أبو جهاد في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل إلى السعودية فأقام فيها أقل من عام، ومن السعودية توجه إلى الكويت، حيث ظل بها حتى عام 1963. وهناك تعرف على ياسر عرفات وشارك معه في تأسيس حركة "فتح".
وتفيد المواقع ذاتها بأن أبو جهاد غادر الكويت عام 1963 إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة "فتح" وتولى أبو جهاد مسؤولية ذلك المكتب. كما حصل خلال هذه المدة على إذن من السلطات بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين على أرض الجزائر.
وفي عام 1965، غادر الجزائر إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية، وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، كما شارك في حرب 1967، وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الصهيوني في منطقة الجليل الأعلى.
وتولى الوزير بعد ذلك المسؤولية عن القطاع الغربي في حركة "فتح"، وهو القطاع الذي كان يدير العمليات في الأراضي المحتلة. وخلال توليه قيادة هذا القطاع، في الفترة الممتدة من عام 1976 إلى 1982، عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة، كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في بيروت عام 1982، والتي استمرت 88 يوماً خلال الغزو الصهيوني للبنان.
ومن أبرز العمليات التي خطط لها أبو جهاد، صاحب أشهر مقولة فتحاوية لم يأخذ بها قادة الحركة من بعده، وهي "لماذا لا نفاوض ونحن نقاتل؟"، بحسب السجلات الفتحاوية: نسف خزان زوهر عام 1955، وعملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965، وعملية فندق (سافوي) في تل أبيب وقتل 10 إسرائيليين عام 1975، وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975، وعملية قتل "البرت ليفي" كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس عام 1976، إضافة إلى عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيلياً عام 1978، وعملية قصف ميناء إيلات عام 1979، وقصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام 1981، وأسر 8 جنود صهاينة في لبنان ومبادلتهم بـ5 آلاف معتقل لبناني وفلسطيني و100 من معتقلي الأرض المحتلة عام 1982، وإدارة حرب الاستنزاف من 1982 إلى 1984 في جنوب لبنان، وعملية مفاعل ديمونة عام 1988، والتي كانت السبب الرئيسي لاغتياله.
"مصير الاحتلال لا يتحدد بالمفاوضات"
تقلّد أبو جهاد العديد من المناصب خلال حياته، فقد كان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة، وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونائب القائد العام لقوات الثورة.
استشهد صاحب مقولة إن "مصير الاحتلال يتحدّد على أرض فلسطين وحدها وليس على طاولة المفاوضات"، تاركاً وراءه فكراً ثورياً وعملاً نضالياً ما زالت تذكره حركة "فتح" حتى الآن، وتستشهد بأقواله في أزماتها الحالكة التي تشهدها اليوم، وتحول دون استنهاض الحركة التي قادها أبو جهاد، مجسداً فلسفته الثورية التي عاش فيها الثورة الفلسطينية ومعاركها المختلفة في الشتات، كما على أرض الوطن، حيث قال إن "الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد"، ومن بين مقولاته التي كانت بسملة البيانات الثورية في الانتفاضة الأولى "لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة".