رأت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، اليوم الخميس، أنّ قائد الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح يكثّف حملة القمع بحق الانتفاضة الشعبية، التي استمرّت خمسة أشهر، والتي أنهت حكم عبد العزيز بوتفليقة، لكنها فشلت في تحقيق انتقال ديمقراطي في أكبر دولة أفريقية، في إشارة تنذر بمزيد من القمع، وفق محلّلين.
ولفتت إلى أنّه في الشهر الأخير، اعتقلت السلطات بقيادة صالح، عشرات المحتجين وحجبت المواقع الإخبارية، مع استمرار التظاهرات الأسبوعية من دون انقطاع في شوارع العاصمة، ومدن أخرى في الدولة الغنية بالغاز. وأشارت الصحيفة إلى المباراة التي تجمع المنتخب الجزائري بنظيره السنغالي ضمن نهائي كأس أمم أفريقيا لكرة القدم، غداً الجمعة، والذي يُنظر إليه كاختبار، إذ من المتوقع أن يوفّر الفوز سبباً آخر للناشطين للتظاهر بحماسة جديدة.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة المقيمة في مركز كارينغي للشرق الأوسط في بيروت، داليا غانم يزبك، قولها إنّ "هناك إصراراً من الجيش والشرطة، لم نره منذ بداية الاحتجاجات. الجيش وقائده قايد صالح، يشدّدون لهجتهم ويبعثون برسائل إلى المحتجين مفادها بأنّهم "قدّموا فعلاً تنازلات لهم".
ومنذ استقالة بوتفليقة في إبريل/نيسان الماضي، قاد صالح حملة تطهير طاولت مقربين من بوتفليقة ومسؤولين كباراً، مرسلاً العشرات منهم إلى السجن، بتهم فساد. ورفض في المقابل تسهيل عملية الانتقال السياسي إلى قيادة مدنية، بحسب "فاينانشال تايمز"، كما تمّ تأجيل الانتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في 4 يوليو/تموز الجاري، بسبب النقص في المرشحين.
وإدراكاً منه أنّ كأس أمم أفريقيا سيُفسح المجال أمام المزيد من التظاهرات في الشوارع، سعت السلطات الجزائرية إلى الحصول على دعاية إيجابية من الحدث، عبر تخصيص رحلات لنقل آلاف المشجعين إلى القاهرة حيث ستُقام المباراة. ومن المقرّر أن يُسافر الرئيس الموقت عبد القادر بن صالح. وظهرت معارضة الرئيس بوتفليقة في ملاعب كرة القدم، من الأماكن القليلة في البلاد التي يمكن لشبابها ممارسة حرية التعبير.
من جهتها، قالت غانم يزبك، إنّ طريقة تعامل الجيش مع الانتفاضة ستعتمد على ما إذا كان بإمكانه المحافظة على تماسكه الداخلي، بحيث يؤيد الأعضاء قرارات القيادة، أو على ما إذا كان قادراً على حماية مصالحه، مثل ميزانيته، التي بلغت العام الماضي 9.6 مليارات دولار.
وحذرت من أنّ الجمود طويل الأمد يهدّد بمزيد من "التطرف" في مطالب حركة الاحتجاج. وقالت: "أتخوّف من أن يصل المتظاهرون إلى نقطة لا تعود فيها مطالبهم، للأسف، واقعية. في الأساس، لا يمكن تنفيذ الشعار الأساس للمتظاهرين، وهو ضرورة ذهاب النظام بأكمله".
ووفق "فاينانشال تايمز"، هناك حملة قمع بحق الصحافة في الجزائر. ونقلت عن لونس غوماش، مدير موقع TSA الجزائري الذي تمّ حجبه الشهر الماضي، قوله إنّ السلطات ترفض السماح بأبسط الحقوق، كحرية التعبير. لعبتهم الآن هي محاولة إضعاف الحراك".
وأشارت الصحيفة إلى توقيف متظاهرين لتلويحهم بالراية الأمازيغية. ونقلت عن محلّلين تأكيدهم أنّ الحملة المفاجئة على الأمازيغ تهدف إلى تأجيج الانقسامات عبر استهداف الشعور القومي للمتظاهرين. وعلّق أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر، ناصر جابي على الأمر، معتبراً أنّه فشل، وقال: "ربما كان هذا الأمر لينجح قبل 30 عاماً، لكنّ الجزائريين تخطوا هذه القضية".