اعتبر خبير اقتصادي في منظمة الأغذية والزراعة "فاو" أن انتشار ظاهرة الجوع في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتدهور الراهن في حالة الأمن الغذائي، يمكن أن يُعزيا إلى الصراعات والحروب الأخيرة في المنطقة، مذكراً أيضاً بأن النزاعات نفسها قد تحدث، أحيانا، بسبب عدم التوازن التنموي.
وأوضح المستشار الاقتصادي الإقليمي لمنظمة "فاو"، أحمد سعد الدين، اليوم السبت، في حوار خاص لأخبار الأمم المتحدة، تعليقاً على تقرير منظمة "فاو" الذي يقدم "نظرة إقليمية عامة حول حالة الأمن الغذائي والتغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا" الصادر يوم الأربعاء الماضي، أن العامل الأساس والحاسم لاتنشار الجوع في هذه المنطقة، خصوصاً في السنوات الأخيرة، هو تفاقم الصراعات. إذ تعتبر المنطقة الآن من بين الأكثر تأثرا من حيث حدة النزاعات التي تشهدها".
وبيّن التقرير الصادر يوم الأربعاء الماضي أن 52 مليون نسمة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يعانون من نقص التغذية المزمن، 33.9 مليونا منهم في البلدان التي تشهد نزاعات مباشرة، و18.1 مليونا في بلدان ليس فيها نزاعات. كما أن حالات التقزم والهزال ونقص التغذية أسوأ بكثير في البلدان التي تشهد نزاعات وحروبا منذ عام 2011 وحتى اليوم.
وأوضح التقرير أن النزاعات هي السبب الرئيسي للجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حيث يعيش فيها أكثر من ثلثي عدد الجائعين في العالم.
وأضاف أن التقرير صنف خمس دول، ثلاث منها تفاقمت فيها الصراعات منذ عام 2011. ويقول أيضاً إن هناك بلدانا مثل العراق والسودان "من بين البلدان المصنفة دولاً هشة، والتي ظلت تعاني من الصراعات منذ فترة طويلة جداً".
ويورد التقرير أرقاماً تؤكد العلاقة بين الصراعات والحروب المنتشرة في المنطقة، وبين ارتفاع معدلات النقص في الغذاء ومؤشرات النقص "التغذوي" حسب وصف سعد الدين، وقال: "نلاحظ في بلدان الصراع وجود نحو 26 في المائة من السكان الذين يعانون من النقص التغذوي، مقارنة بـ 5 في المائة من السكان في باقي البلدان" ما يعني أن هناك مشكلة أساسية، يعزوها التقرير بشكل أساسي إلى الصراعات والحروب.
غير أن الوضع في بعض البلدان غير المتأثرة بالنزاعات، ليس أحسن حالًا، حسب التقرير الأممي، إذ يعاني 18 مليون شخص في هذه الدول من أزمة أمن غذائي أيضا. وأشار أحمد سعد الدين إلى إن الدول ذات الدخل المنخفض في المنطقة تعاني من كثير من مظاهر الهشاشة في بناها الاقتصادية ومن فقر الموارد، بينما تعتمد اقتصاداتها على عدد محدود من السلع والنشاطات الاقتصادية. لذلك تؤثر الصدمات الاقتصادية في الاقتصاد العالمي كثيراً على قدرة هذه الدول في تأمين الكفاية من الغذاء لشعوبها".
وتابع أن "عددا كبيرا من الدول في المنطقة تعتمد في اقتصاداتها على قطاعين أو ثلاثة، ما قد يؤدي في المستقبل القريب أو البعيد إلى حدوث أزمات تزيد من تدهور أوضاع الأمن الغذائي".
من ناحية أخرى، رأى سعد الدين أن "هناك تجارب إيجابية في كيفية إدارة الأمن الغذائي في بعض البلدان. ففي الأردن على سبيل المثال هناك سياسة تنص على ضرورة أن تتوفر يومياً كمية من الحبوب تكفي البلاد لمدة تسعة أشهر قادمة. مع أن الأردن لا ينتج سوى واحد في المائة من هذه الكمية المطلوبة، فإن تنوع مصادر استيراد الأردن يسمح له بحسن إدارة توفير الغذاء ويمنع تأثره بالأزمات غير المتوقعة في تلك المنطقة، مثل الحرب أو الجفاف أو العوامل السياسية، ما يؤمن استمرار تدفق الغذاء بشكل سلس".
وحذرت منظمة "فاو" في تقريرها من أن انتشار النزاعات والأزمات الممتدة وتفاقمها منذ عام 2011، وتوسع الفجوات بين الريف والمدن، تعيق جهود المنطقة للقضاء على الجوع بحلول عام 2030.