في هذا السياق، صدرت مؤخّراً عن "دار أزمنة" في عمّان مختارات لـ ماياكوفسكي بعنوان "غيمة في بنطلون"، ترجمها إلى العربية الشاعر العراقي حسب الشيخ جعفر، وتتضمنّ ستّ قصائد كان قد نشر بعضها سابقاً في مجلات ودوريات أدبية.
اختار المترجم قصائد تنتمي إلى المرحلة الأولى من إبداع الشاعر الروسي، والتي عكست انتقاداته القاسية للمجتمع وزيف الوسط الثقافي، واعتراضه على اشتراك بلاده إلى الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، كما تميّزت بتهكّمه من الرومانسية والمفاهيم المثالية للشعر التي كانت منتشرة آنذاك.
يشير جعفر في مقدّمة الكتاب إلى أنه نقَل "أكثر قصائد المرحلة الأولى قوةً فـي الكشف عن نضج صاحب "أنا نفسي" المبكّر وتطوّره، وأكثرها أيضاً تعبيراً عن موقفه كشاعر متمرّد في فنّه وفكره، يريد أن يحرق ويدمّر كلّ ما فـي العالم البرجوازي من مؤسسات وأكاذيب".
أين يقف ماياكوفسكي فـي خارطة الشعر الروسي منذ بوشكين وإلى اليوم؟ يخلص المترجم في إجابته عن هذا التساؤل إلى أنه "أحد الشعراء الثلاثة الأكثر عظمةً وتأثيراً وبقاءً إلى جانب بوشكين وألكسندر بلوك، إذ اختطّ منذ البداية طريقه الشعري المتفرّد".
تحتوي المختارات خمس قصائد، هي: "اللعنة" و"هكذا صرت كلباً"، و"نشيد القاضي"، و"أنا ونابليون"، و"ليلي"، إلى جانب "غيمة في بنطلون" التي يسجّل الشاعر فيها:
كنت أظن من قبل
أنهم يكتبون مؤلفاتهم هكذا:
يجيء الشاعر
ويفتح شفتيه بسهولة
وسرعان ما يتغنّى المغفَّل الملهَم،
ولا شيء غير هذا.
لكن يبدو
أنهم قبل أن يبدؤوا أغنيتهم
يقرعون الغرفة طويلاً، وقد استبدَّ بهم التذمّرُ،
وبهدوء تتخبّط في طحلب القلب
سمكةُ المخيّلة البلهاء.
وريثما يسلقون، مصأصئين بالقوافي،
طبخةً ما من حُبٍّ وعنادل،
يتلّوى الشارع دونما لسان
عاجزاً عن أن يصرخ أو يتحدّث.