"غرف النوم" تقلق شباب غزة المقبل على الزواج

31 مايو 2014
شباب في غزة يتبادلون هموم الحياة(محمد عبد/أف ب- Getty)
+ الخط -
يفكر الشاب محمد جرادة (25 عاماً) رغماً عنه بشراء غرفة نوم قديمة - مستعملة - تلبي حاجته، نظراً لاقتراب موعد زفافه المقرر صيف هذا العام، للخروج من مأزقه بعد ترتيب جميع أمور زواجه.
وبدلاً من الفرحة والسعادة لقرب موعد زفافه، الذي انتظره بفارغ الصبر، باتت تنتابه مشاعر القلق والحيرة خوفاً من عدم تمكنه من تجهيز غرفة النوم قبل الموعد المحدد.

يقول محمد: "ذهبت تقريباً إلى معظم أصحاب ورشات النجارة لكي أجهز غرفة النوم التي لا غنى عنها للزواج، لكن أغلب ما هو موجود بالسوق أسعاره مرتفعة جداً وهي فوق إمكاناتي المادية".
وأضاف "أغلب أطقم النوم المتوفرة في السوق الآن مصنوعة من أردأ أنواع الخشب، على الرغم من ارتفاع أسعارها بشكل "جنوني"، الأمر الذي دفعني للبحث عن طقم نوم مستعمل على أن يكون مصنوعاً من خشب جيد وقوي لأقوم بتجديده"، مستدلاً بسخرية بالمثل الشعبي القائل "على قد لحافك مد رجليك".

وتابع "الأوضاع المادية الصعبة وعدم توفر سيولة لدى شريحة كبيرة من المواطنين ورداءة نسبة كبيرة من أطقم النوم الجاهزة في السوق، كل هذا دفع الشباب نحو تجديد أثاثهم القديم، نظراً لصلابة نوعية الخشب المصنوع منه في الأساس".
ولفت محمد إلى أن كل مستلزمات الزواج جاهزة بالنسبة له، لكن مشكلته تكمن في غرفة النوم.
خياران أحلاهما مر:

بات محمد أمام خيارين أحلاهما مر، الأول ربما تأجيل فرحة عمره وتحطيم أحلامه نظراً لضيق الوقت واقتراب موعد زفافه، والثاني يكمن بتجديد طقم نوم مستعمل ربما ترفضه عروسه على اعتبار أنها مثلها مثل غيرها من الفتيات، ومن حقها اختيار ما يحلو لها من الأطقم كونها فرحة العمر، بحسب محمد.
وتفرض إسرائيل حصاراً بحرياً وبرياً وجوياً على غزة، منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية يناير/ كانون الثاني 2006، وشددته عقب سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/حزيران من العام 2007.
ويعيش حوالي 1.8 مليون مواطن في قطاع غزة واقعاً اقتصادياً وإنسانياً قاسياً، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي، والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.
وفي سياق متصل، رفض الحاج أبو علي فيصل (54 عاماً)، العرض الذي قدمه له ابنه البكر، بأن يحضر له طقم نوم "مباركة" بالبيت الجديد، نظراً لأن طقم والده الذي اشتراه منذ 34 عاماً قد تعرض للاهتراء.

وقال أبو علي لـ"العربي الجديد": "إن الخشب الذي صنع منه طقم نومي قبل 34 عاماً يضاهي خشب اليوم بكثير، نظراً لأنه صنع من خشب "السندويش" - أجود أنواع الخشب - على حد تعبيره.
ويعكف أبو علي على تجديد طقم نومه باختيار موديل من الطراز الحديث بنفس الخشب القديم، موضحاً أنه سيقوم بدفع ما يقارب "2000 شيكل" ليصبح وفق احدث الموديلات والألوان، بدلاً من شراء آخر، مع نوعية خشب ممتازة وبسعر يناسب وضعه الاقتصادي.

خسائر الصناعات الخشبية:

يقدّر حجم الخسائر التي تكبدتها الصناعات الخشبية، منذ أن فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاره على القطاع وحتى أواخر عام 2013 بنحو 80 مليون دولار، جراء تدمير نحو 60% من المصانع والشركات بشكل كلي وجزئي، وذلك وفق اتحاد الصناعات الخشبية والأثاث الفلسطيني بغزة.
ويوضح أبو علي أن الحصار الإسرائيلي والوضع الاقتصادي الصعب إلى جانب انتشار الفقر والبطالة بين المواطنين الغزيين، قد أثر بشكل كبير على كل مناحي الحياة الغزية، حتى دفعهم إلى اللجوء لكل ما هو مستخدم من أثاث وملابس وأجهزة كهربائية وغير ذلك، سواء بتجديده أو إصلاحه.
من جهته، أوضح خالد الجاروشة صاحب منجدة أطقم كنب غرب مدينة غزة:"أن صناعة الأثاث والصناعات الخشبية الأخرى من القطاعات الاقتصادية التي تعرضت لتداعيات الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة".
وذكر أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة دفعت المواطنين إلى الإقبال على تنجيد أثاثهم ومفروشاتهم القديمة بدلاً من شراء أثاث جديد، لأن التجديد يكلف نصف سعر الأثاث الجديد، على حد قوله.
وقال: "إن معظم الناس يتوجهون نحو تجديد القديم، خصوصاً إذا كان خشب الطقم الأساسي ذا جودة عالية"، منوهاً إلى أن "تجديد الأثاث زادت تكلفته بنسبة 100% عن شراء الجديد منها".
وأشار إلى أن اتجاه نسبة كبيرة من المواطنين لتجديد أثاثهم اثر بشكل كبير على نسبة بيع الأثاث الجديد الذي شهد ركوداً في بيعه نظراً لارتفاع سعره وقلة جودة بعضه.
وبين الجاروشة لـ"العربي الجديد" أن توجه المواطنين نحو تجديد أثاثهم القديم لمحاولتهم الاقتصاد في المصاريف في ظل تراجع أوضاعهم الاقتصادية ونقصان دخولهم الشهرية، وفقدان البعض الآخر لأعمالهم، حيث يكلف تجديد طقم الكنب القديم 1000 شيكل كحد أدنى، في حين يصل سعر طقم الكنب الجديد إلى 6000 شيكل في بعض الأحيان.
وأكد أن سوق الأثاث والمفروشات يواجه ركوداً حاداً وانخفاضاً في عملية الشراء، "لذا فإن أغلبية المواطنين يتوجهون نحو تجديد مفروشاتهم بدلاً من شراء أثاث جديد".
ويشير الجاروشة إلى أنه تلقى العديد من الطلبات من شبان مقبلين على الزواج برغبتهم بتجديد أثاث مستعمل وقديم نظراً لوضعهم المادي السيئ بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الزواج، منوهاً إلى أن تجديد الأثاث القديم يخضع لمعايير أهمها جودة الخشب القديم ونوعيته.
وذكر أن الأثاث الذي يجري تجديده لا يقل جمالا وحداثة عن الجديد، "بل وينافسه بجودة أنواع الخشب المستخدم وسعره".

دلالات
المساهمون