"غداً نلتقي" بساطة المفردات أدّت لتفاعل الجمهور

09 يوليو 2015
مكسيم خليل خلال التصوير (العربي الجديد)
+ الخط -
متابعو الدراما، سواء من فئات النخبة أو من الفئات العادية، التفّوا حول مسلسل "غداً نلتقي" في الأسبوعين الأخيرين. وقد استحقّ هذا المسلسل الواعد ذلك التفاعل بسبب جودة النصّ أولا، وبسبب الأفكار التي يطرحها بجرأة، وبسبب طريقة التصوير والإخراج ثانياً.

قوّة المخرج
اعتنى مخرج "غداً نلتقي"، رامي حنّا، بأدقّ التفاصيل في عمله هذا. وهو حاول، عبر الصورة البصرية التي قدّمها، أن يعكس واقع السوريين المشتتين في بلاد اللجوء الكثيرة، وذلك من خلال إضاءة ضبابية وباستعماله ألواناً باهتة، وبطريقة المونتاج المتقطّع معطوفاً على اللقطات القصيرة نسبياً. هذا بالإضافة إلى الخلفية الحمراء التي تظهر عند الانتقال من مشهد إلى آخر. كلّ هذا أضفى الكثير من المعاني، بطريقة غير مباشرة، ومبطّنة، دون تكلّف أو اصطناع. وكلّ ذلك خلق كذلك نصاً درامياً منسوجاً بحنكة عالية. إلى جانب أنّ نصّ إياد أبو الشامات يفيض بالمفردات البسيطة التي يستخدمها السوريون كافة من دون استثناء، في حياتهم اليومية.

البطولة الجماعية
كما اعتمد العمل على البطولة الجماعية. إذ يَصعب علينا تحديد بطل واحد في المسلسل. فلا نستغرب النجاح الذي حقّقه المسلسل حتّى الآن مع وجود نجوم الشاشة السورية، منهم كاريس بشار، ومكسيم خليل، وضحى الدبس وعبد الهادي صباغ وآخرون... ممن مزجوا تلك العناصر، ليخرج العمل أخيراً من وسط دوامة الموسم الرمضاني، عملاً حقيقياً يحترم عقل المشاهد ويحاكي أزمة اللاجئين بعمق وشفافية وتجرّد.

ماذا قال الكاتب؟
يقول كاتب العمل إياد أبو الشامات إنّها ليست "التجربة الأولى في الكتابة، لكنّها الأولى التي ترى النور". ويضيف في حديث لـ"العربي الجديد": "لقد قمت بالعمل على أفلام قصيرة وطويلة، عديدة، تعرقل تنفيذها لأسباب إنتاجية مختلفة". وهو يعتبر أنّ تلك التجارب الصغيرة والمتباعدة زمنياً كانت نوعاً من التمرين الذي "أدّى بي إلى أن أتمكّن أخيراً من إنجاز عمل طويل من ثلاثين حلقة". وقد وصف التجربة بأنّها "مَهَمّةٌ ليست سهلة".
وعن سبب اختيار موضوع أزمة اللاجئين في لبنان، اعتبر أنّ "لبنان هو الأقرب في كلّ شيء. ولأنه البلد الذي دفع ويدفع الثمن الأكبر من دول الجوار بسبب النزوح السوري، وأيضاً لإحساسي بالرابط العميق الذي يربط مصير البلدين بعضهما ببعض".

إخراج ولا تمثيل
وعند سؤاله عن عدم مشاركته في العمل كممثل على الرغم من كونه خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، أجاب: "حتماً أغرتني شخصيات العمل جداً لألعب دور إحداها، لكنّ ظرف الكتابة كان قاسياً جداً، كنت أكتب بينما العمل يُصوّر، وكان عليّ أن أقرر بوضوح أين سأقف هذه المرة، أمام الكاميرا أم خلفها. وقد أجبرني المنطق على تنحية رغباتي كممثل كي أتمكّن من التفرّغ لكتابة النصّ. وها أنا راضٍ جداً عن نتائج أداء كلّ الممثلين في العمل من دون استثناء".

اقرأ أيضاً: كاريس بشّار:جنون أداء الممثلة السورية يتفتح "وردة"

وتابع: "أنا سعيد جداً بردود أفعال الجمهور على العمل، لكن في الوقت نفسه تصلني رسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تطالبني بأن أستمرّ في الكتابة عن الوجع السوري". ويكمل حديثه بالقول: "أنا شخصياً أتمنّى ذلك من كلّ قلبي، فأنا في النهاية أكتب عن نفسي وعن أهلي وعن أصدقائي. لكن ما أخشاه هو أنّ شروط السوق لن تمنحني هذه الفرصة دائماً، ولا أعرف إذا كنتُ سأستطيع إيجاد الظرف المناسب مرّة أخرى من أجل تقديم عمل يشبه هذا المسلسل... لكن في النهاية أرجو ذلك فعلاً".

التفكير في الجمهور
وعن سبب التفاف الجمهور حول العمل، قال أبو الشامات: "أعتقد أنّ الناس قد شاهدوا أنفسهم فيه، وقد حاولنا أنا ورامي حنّا أن نبني عملاً فنياً محترماً، لكن مع مراعاة أن يبقى بسيطاً وعميقاً في الوقت نفسه، أي أن يكون غير متعالٍ على الجمهور، وأن نضع الجمهور نصب عيوننا في ما نكتب أو نصوّر، وفي الوقت نفسه حاولنا ألا نقرّر عن الجمهور سلفاً أنّه عاوز كده".

ويرى أبو الشامات أنّ "المتلقّي متعطش دائما لمشاهدة أعمال حقيقية ولمتابعة مسلسلات تحكي عن وجعه وألمه.

ويختم: "لكن للأسف أغلب الأعمال التي تعرض اليوم على الشاشات المحلية والفضائية تتجاهل هذه الحاجة، مدّعية أنّها بذلك تحقّق للجمهور ما يريد أن يراه".

هو الذي يقرّ بأنّ مشاريعه التالية لم يحدّدها بعد: "فهي لا زالت مجرّد اقتراحات غائمة من المبكر الحديث عنها".
المساهمون