"غدامس 2": 3 مسارات للحوار الليبي

09 ديسمبر 2014
ليون سيقترح تجميد تشكيل حكومة وحدة (حازم تركية/الاناضول)
+ الخط -
بعد إعلان بعثة الأمم المتحدة عن تأجيل انطلاق حوار "غدامس 2" إلى مطلع الأسبوع المقبل، بعدما كان مقرراً اليوم في التاسع من ديسمبر/كانون الأول، بدأت سوق فرض الشروط المسبقة بين طرفي الصراع السياسي المتمثل في المؤتمر الوطني العام من جهة، ومجلس النواب المنحل في طبرق شرقي ليبيا من جهة أخرى.

فقد أعلن مجلس النواب الليبي المنحل عن شروطه المتمثلة في الاعتراف السابق للحوار به كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي، إضافة إلى تنفيذ قراراته المتعلقة بحل الميليشيات وخروجها كاملة من العاصمة الليبية طرابلس، ومحاكمة المسؤولين عن الإرهاب والتطرف.

كما أصرّ المجلس على معرفة أطراف الحوار قبل الدخول فيه، وأن تكون بنود الحوار علانية، وفي حدود إطار زمني، مع تأكيده على حقه في اختيار من يمثله، ورفض أي شخصية كانت سبباً في نشوب الأزمة، أو عرقلة المسار الديمقراطي بحسب تعبيره.

في الجهة المقابلة، يضع المؤتمر الوطني العام شروطاً مسبقة لعملية بدء الحوار، تتمثل في الاعتراف بحكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية القاضي بحل مجلس النواب الليبي لعدم دستوريته، وهو ما يعني الاعتراف بعودة الشرعية للمؤتمر الوطني العام واعتباره ممثلاً شرعياً لليبيين، وهو تنازع على الشرعيات لا يمكن حله عبر حوار أو تفاوض سياسي، ما يعرقل عملية الحوار إن لم يكن يفشلها.

فبحسب وجهة النظر الجزائرية يجب أن ينطلق الحوار على أساس قاعدة الأطراف المتساوية لا على أساس الشرعيات المتنازعة، حتى يسهل البدء في المفاوضات.

ويكشف مقربون من البعثة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا لـ"العربي الجديد" أن لديها ثلاثة مسارات للحوار والتفاوض في ليبيا يجدر بها أن تُترجَم بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل: الأول سياسي لم يختمر بعد في شكله النهائي ويعتمد على أربعة مفاوضين عن مجلس النواب الليبي، لكن ليسوا أعضاء فيه، بل مقربين منه، وكذلك أربعة مقربين من المؤتمر الوطني العام الليبي، ليسوا أعضاء فيه، وأربعة ممثلين عن المجالس البلدية المنتخبة أو أكثر حسب ما تقتضيه الحاجة، وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني، ونشطاء سياسيين.

والمسار الثاني عسكري، بمعنى عقد لقاءات حوار تشاورية غير تقابلية بين قادة من عملية ما يُعرف بـ"فجر ليبيا"، و"مجلس شورى ثوار بنغازي" من جهة، وآخرين ممثلين لما يُعرف بـ"عملية الكرامة" وقادة "كتائب الزنتان" وجيش القبائل من جهة أخرى.

أما المسار الثالث والأخير فهو مسار اجتماعي يعتمد على عقد جلسات حوار بين شيوخ وزعماء قبائل ليبيا من الشرق والغرب والجنوب، على أمل الوصول إلى تسوية للقضايا العالقة، وطمعاً في أن يستطيع شيوخ وزعماء القبائل التأثير على المسارين السياسي والعسكري والتدخل لصالح التهدئة، ومناقشة وضع الجيش والشرطة وكيفية إدماج الثوار في المؤسسات الرسمية.

وسيقترح رئيس بعثة الأمم المتحدة برناردينو ليون برامج للتفاوض حولها، تتضمن تجميد الإعلان الدستوري الذي أثارت نصوصه والتعديلات التي جرت عليه انقسامات واصطفافاً سياسياً وصل إلى حد الاقتتال الداخلي، وأن يتوقف المؤتمر الوطني العام عن الانعقاد، ويدخل مجلس النواب المنحل في طبرق في إجازة، وتقتصر مهامه على متابعة هيئة الستين لكتابة الدستور حتى الانتهاء من الاستفتاء عليه وإقراره.

وبحسب المصدر، فإن ليون سيقترح على أطراف الحوار بمساراته الثلاثة السابقة تشكيل حكومة وحدة وطنية سيكون أغلب أعضائها من المستقلين، مشيراً إلى أن هذا المقترح سيلقى دعم الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا.

ويسعى كل طرف من أطراف الحوار المزمع عقده برعاية أممية إلى تحقيق مكاسب عسكرية سريعة على الأرض وفرض أمر واقع، لعل أشدها وضوحاً تحرّك كتائب من غرب ليبيا للسيطرة على الهلال النفطي في شرقها وذلك بالتحالف مع كبرى القبائل في الشرق الليبي القريبة من هذا الهلال، ولا يبدو بحسب مراقبين أن الولايات المتحدة الأميركية ستتحرك سريعاً ضد هذه التحركات كونها مشغولة بجبهات أخرى ضمن التحالف الدولي في العراق وسورية في إطار الحرب على "داعش". أو قد تكون هذه التحركات وفق ضوء أخضر أميركي غربي، مع عدم وجود أدلة تدعم مثل هذه الفرضية في الوقت الراهن.